من لزوم التفويت عدم لزومه ، ومن حرمة السفر عدم حرمته وبالعكس.
والجواب أما عن الأول فبأن لفظ الصلاة عند الصحيحي موضوع للصحيح بمعنى المشتمل على تمام الأجزاء والشرائط ، والصحة بهذا المعنى لا ينافيها الفساد العارضي من جهة النذر أو نهي الوالد مثلا ، والدليل على أن مرادهم بالصحة هذا المعنى أن الفساد الطاري إنما نشأ من قبل الحكم ، فهو متأخر عنه فكيف يؤخذ عدمه في موضوعه ، وحينئذ فإن أراد الناذر المذكور الصحة بهذا المعنى لم يلزم شيء من المحذورين كما هو واضح ، وإن قصد الصحة من جميع الجهات حتى من جهة الطواري فنلتزم بعدم انعقاد نذره ؛ إذ الصلاة الصحيحة من جميع الجهات مأمور بها فلا يمكن أن تصير منهيا عنها.
وأما عن الثاني فبأنه إن كان نهي المالك عن إحداث أسباب حصول الرفع ومقدماته بمائه من غسل الأعضاء على النهج المخصوص بقصد الرفع مع نية القربة فلا شك في تأثيره في تحريم الغسل وعدم حصول الرفع به ، ولا يلزم محذور كما هو واضح ، وإن كان نهيه عن رفع الجنابة الذي هو أثر للغسل بجعل الشارع فلا يؤثر شيئا ؛ إذ الغسل الرافع للجنابة مأمور به فلا يعقل أن يصير منهيا عنه وغير رافع .
وأما عن الثالث ، فاعلم أن هنا أدلة ثلاثة لا بد من رفع اليد عن أحدها حتى يرتفع الإشكال ، ومع الأخذ بجميعها لا يمكن التفصي عنه.
الأول : دليل عدم جواز تأخير قضاء رمضان عن رمضان المقبل ، وهذا موجب لحصول التضييق في الصوم في المثال
الثاني : دليل عدم صحة الصوم في السفر ، وهذا بضميمة الأول يوجب مفوتية السفر للصوم فيه
والثالث : دليل كون سفر المعصية مبيحا للصوم
فرفع اليد عن أحد الأولين يوجب رفع موضوع التفويت عن البين ، وعن الأخير يوجب حصوله بلا لزوم إشكال كما هو واضح.
فنقول : لا معارضة بين الأولين وبين الثالث ؛ لكونهما محققين لموضوعه وهو
Страница 54