البطش بابن ماسويه فعجز، ورمى بطرفه إلى السّماء، وقد امتلأت عيناه دموعا، وانطلق لسانه، وقال: يا من لا يموت ارحم من يموت. ثمّ قضى من ساعته، وكان كثيرا ما ينشد هذه:
ومن لم يزل عرضا للمنو ... ن يتركنه ذات يوم عميدا
فإن هنّ أخطأنه مرّة ... فيوشك مخطئها أن يعودا
وبينا يحيد فيخطئنه ... قصدن فأعجلنه أن يحيدا (١)
١٨٢ - وقيل: سافر رجل وولد له في حاجة له، فمات الرّجل فدفنه ولده في بعض الطّرقات، ومضى لقضاء حاجته، فلمّا عاد مرّ بقبر أبيه فلم يعج عليه، فسمع هاتفا من جانب القبر يقول:
رأيتك تطوي الدّوم عمدا ولا ترى ... عليك لثاوي الدّوم أن تتكلما (٢)
وبالقبر ثاو لو ثويت مكانه ... ومرّ بأهل الدّوم عاج فسلّما
١٨٣ - وقيل: سار المأمون إلى أمّ الفضل بن سهل (٣) ليعزّيها عنه فبكت، فقال لها: لا تبكي عليه، ولا تجزعي لفقده؛ فإنّ الله قد أخلف عليك منّي ولدا يقوم مقامه. فقالت: يا أمير المؤمنين، حقّ لولد أكسبني ولدا مثلك (٤) أن يبكى عليه.
١٨٤ - أطاقت يد الدّهر انتزاعك من يدي ... ولم يطق الموت انتزاعك من صدري
_________
(١) الأبيات في شرح نهج البلاغة ١٩/ ١٩٣.
(٢) الدّوم: ضخام الشجر. اللسان (دوم).
١٨٣ - الخبر بنحوه في العقد الفريد ٣/ ٣٠٩، وسير أعلام النبلاء ١٠/ ١٠٠. قال الذهبي عن أم الفضل: ثم عاشت وأدركت عرس بنت ابنها بوران على المأمون.
(٣) تقدّمت ترجمته صفحة. . .
(٤) في الأصل منك، والمثبت من العقد الفريد.
١٨٤ - الحماسة الشجرية ١/ ٣٤٢ من غير عزو.
1 / 71