Князья выразительности
أمراء البيان
[87_2]
من نسبة هذه الكتب التي زعم أصحابها أنهم ترجموها عن الفارسية، لأن مثلهم في افتنانهم في البيان لا يتعذر عليهم وضع أشباهها.
وضرب المثل في البلاغة برسالة اليتيمة في طاعة السلطان، حتى قال أبو تمام في مدح الحسن بن وهب:
ولقد شهدتك والكلام لآلئ توم، فبكر في الكلام وثيب فكأن قسا في عكاظ يخطب وكأن ليلى الأخيلية تندب وكثير عزة يوم بين ينسب وابن المقفع في اليتيمة يسهب ذكروا أن ابن المقفع كان إذا أراد الشعر صنعه، بيد أنه يشغل به نفسه لانصرافه إلى النثر؛ والواقع أنه ما كان يستطيع من الشعر إلا ما لا يذكر مثله من مثله. وقال عن نفسه: الذي أرضاه لا يجيئني، والذي يجيئني لا أرضاه وقيل له: لم لا تطيل القصائد؟ قال: لو أطلتها عرف صاحبها.
قال صاحب الصناعتين: يريد أن المحدث يتشبه بالقديم في القليل من الكلام فإذا طال اختل، فعرف أنه كلام مولد. وقد روى له أبو تمام في الحماسة ثلاثة أبيات يرثي بها يحيى بن زياد، وقيل ابن أبي العوجاء، وهي:
رزئنا أبا ولا حي مثله ... فلله ريب الحادثات بمن وقع
فإن تك قد فارقتنا وتركتنا ... ذوي خلة ما في انسداد لها طمع
لقد جر نفعا فقدنا لك أننا ... أمنا على كل الرزايا من الجزع
لم يدان ابن المقفع في الكتابة المرسلة مدان، فهو فيها المفرد العلم؛ اللهم إلا بضعة من الرجال، ومنهم سهل بن هارون وعمرو بن مسعدة، أتى الدهر على ما أنشأته أقلامهم إلا قليلا؛ وعلى ذلك أجمع العارفون من القدماء. ولقد سمع أبو العيناء بعض كلام ابن المقفع فقال: كلامه صريح، ولسانه فصيح، وطبعه صحيح، كأن بيانه لؤلؤ منثور، ووشى منشور وروض ممطور. وذكره آخر فقال: ألفاظه معان، ومعانيه حكم.
Страница 87