[75_2]
دونه، وليحذر السقطة والزلة، والملال عند تغير الحال، فإن العيب إليكم معشر الكتاب أسرع منه إلى المرأة، وهو لكم أشد منه لها، فقد علمتم أن الرجل منكم قد يصف الرجل إذا صحبه في بدء أمره من وفائه وشكره، واحتماله وصبره ونصيحته، وكتمان سره وعفافه وتدبيره، بما هو حري أن يحققه بفعاله، في غير حين الحاجة إلى ذلك منه، فابذلوا وفقكم الله ذلك من أنفسكم في حال الرخاء والشدة، والحرمان والمواساة، والإحسان والإساءة والغضب والرضا، والسراء والضراء، فنعمت السمة هذه لمن وسم بها من أهل هذه الصناعة الشريفة، فإذا ولي الرجل منكم، وصير إليه من أمور خلق الله وعباده أمر، فليراقب الله تعالى ذكره، وليؤثر طاعته فيه، وليكن على الضعيف رفيقا، وللمظلوم منصفا، فإن الخلق عباد الله وأحبهم إليه أرفقهم بعباده، ثم ليكن بالحق حاكما وللأشراف مكرما ومداريا، وللفيء موفرا، وللبلاد عامرا، وللرعية متألفا، وليكن في مجلسه متواضعا حليما لينا، وفي استجلاب خراجه واستقصاء حقوقه رفيقا.
وإذا صحب أحدكم الرجل فليستشف خلائقه، كما يستشف الثوب يشتريه لنفسه، فإذا عرف حسنها وقبيحها، أعانه على ما يوافقه من الحسن، واحتال لصرفه عما يهواه من القبيح، بألطف حيلة، وأحسن مداراة ورفق، فقد عرفتم أن السائس البهيمة إذا كان حاذقا لسياستها ألتمس معرفة أخلاقها، فإن كانت رموحا اتقاها من رجلها، وإن كانت جموحا لم يهجها إذا ركبها، وإذا كانت شموسا توقاها من ناحية يدها، وإن خاف منها عضاضا توقاها من ناحية رأسها، وإن كانت حرونا لم يلاحها، وتتبع هواها في طريقها وإن استمرت عطفها فيسلس لها قيادها. ومن هذا الوصف من سائس البهيمة ورفق سياسته، دليل وأدب لمن ساس الناس وعاملهم، وخدمهم وصحبهم.
والكاتب بفضل رأيه، وشرف صناعته ولطيف حيلته ومعاملته لمن يحاوره
Страница 75