[70_2]
موضعه، أو أخفى محله، ثم قال:
ليكن رحلك إبانا واحدا، ووقتا معلوما، لتخف المؤونة بذلك على جندك، ويعلموا أوان رحيلهم فيقدموا فيما يريدون من معالجة أطعمتهم، وأعلاف دوابهم، وتسكن قلوبهم إلى الوقت الذي وقفوا عليه، ويطمئن ذوو الرأي إلى إبان الرحيل؛ ومتى يكون رحيلك مختلفا، تعظم المؤونة عليك وعلى جندك؛ ولا يزال ذوو السفه والنزق يترحلون بالإرجاف وينزلون بالتوهم، حتى لا ينتفع ذو رأي بنوم ولا طمأنينة.
إياك أن تظهر استقلالا، أو تنادي برحيل من منزل تكون فيه، حتى تأمر صاحب تعبيتك بالوقوف بأصحابه على معسكرك، آخذا بجنبي فوهته بأسلحتهم، عدة لأمر إن حضر، أو مفاجأة من طليعة للعدو إن رأت منكم نهزة، أو لمحت عندكم غرة، ثم مر الناس بالرحيل، وخيلك واقفة، واهبتك معدة، وجنتك واقية، حتى إذا استقللتم من معسكركم وتوجهتم من منزلكم، سرتم على تعبيتكم بسكون ريح، وهدو جملة وحسن دعة؛ فإذا انتهيت إلى منهل أردت نزوله، أو هممت بالمعسكر به، فإياك ونزوله إلا بعد العلم بأهله، والمعرفة بمرافقه، ومر صاحب طليعتك أن يعرف لك أحواله، ويستثير لك علم دفينه، ويستبطن علم أموره، ثم ينهيها إليك على ما صارت إليه، لتعلم كيف احتماله لعسكرك، وكيف ماؤه وأعلافه موضع معسكرك منه؛ وهل لك إن أردت مقاما به، أو مطاولة عدوك، أو مكايدته فيه، قوة تحملك ومدد يأتيه، فإنك إن لم تفعل ذلك لم تأمن تهجم على منزل يعجزك ويزعجك عنه ضيق مكانه، وقلة مياهه، وانقطاع مواده، إن أردت بعدوك مكيدة، أو احتجت من أمورهم إلى مطاولة، فإن ارتجلت منه كنت غرضا لعدوك، ولم تجد إلى المحاربة والأخطار سبيلا، وإن أقمت به على مشقة وحصر، وفي أزل وضيق، فاعرف ذلك وتقدم فيه؛ فإن أردت نزولا أمرت صاحب الخيل التي
Страница 70