[66_2]
الحرب، ومنازلة الفرسان في معترك الموت، وإن ساعدتك طلوق الظفر، ونالك مزيد السعادة في الشرف؛ ففي مخاطرة التلف مكروه المصائب، وعضاض السيوف، وألم الجراح، وقصاص الحروب، وسجالها بمغاورة أبطالها، على أنك لا تدري لأي الفريقين يكون الظفر في البديهة، ومن المغلوب في الدولة؛ ولعلك أن تكون المطلوب بالتمحيص، فحال أبلغهما في سلامة جندك ورعيتك، وأشهرهما صيتا في بدو تدبيرك ورأيك، وأجمعهما لألفة وليك وعدوك، وأعونهما على صلاح رعيتك وأهل ملتك، وأقواهما شكيمة في حزمك وأبعدهما من وصم عزمك، وأعلقهما بزمام النجاة في آخرتك، وأجزلهما ثوابا عند ربك.
وابدأ بالإعذار إلى عدوك، والدعاء لهم إلى مراجعة الطاعة وأمر الجماعة، وعز الألفة، آخذا بالحجة عليهم، متقدما بالإنذار لهم، باسطا أمانك لمن لجأ إليك منهم، داعيا لهم بألين لفظك، وألطف حيلتك، متعطفا برأفتك عليهم، مترفقا بهم في دعائك، مشفقا عليهم من غلبة الغواية لهم، وإحاطة الهلكة بهم، منفذا رسلك إليهم بعد الإنذار، تعدهم كل رغبة يهش إليها طمعهم في موافقة الحق، وبسط كل أمان سألوه لأنفسهم ومن معهم ومن تبعهم، موطنا نفسك فيما تبسط لهم من ذلك على الوفاء بعهدك، والصبر على ما أعطيتهم من وثائق عقدك، قابلا توبة نازعهم عن الضلالة، ومراجعة مسيئهم إلى الطاعة، مرصدا للمنحاز إلى فئة المسلمين وجماعتهم، إجابة إلى ما دعوته إليه، وبصرته إياه من حقك وطاعتك، بفضل المنزلة وإكرام المثوي، وتشريف الجاه؛ وليظهر من أثرك عليه، وإحسانك إليه، ما يرغب في مثله الصادف عنك، المصر على خلافك ومعصيتك، ويدعو إلى اعتلاق حبل النجاة، وما هو أملك به في الاعتصام عاجلا، وأنجى له ممن العقاب آجلا، وأحوطه على دينه ومهجته، بدأ وعاقبة فإن ذلك مما يستدعي به من الله نصره عليهم، ويعتضد به في تقديمه الحجة إليهم معذرا أو منذرا إن شاء الله.
Страница 66