Арабские писатели в эпоху Аббасидов
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Жанры
ويمهد للأمثال المتفرعة كما يمهد للمثل الأصلي، ويختمها على الغالب بقوله: «وإنما ضربت لك هذا المثل لتعلم.»
والكتاب حافل بالأقوال الحكمية والمواعظ والنصائح، وربما استرسل الكاتب في فقر حكمية متساوقة حتى يخرج بها عن الموضوع الذي يتكلم فيه، مثال ذلك أنه لما أراد دمنة أن يغري الأسد بالثور، أخذ يدعوه إلى قبول نصيحته بهذه الأقوال، وفيها ما يلائم الموضوع وفيها ما لا يلائمه: «وخير الإخوان والأعوان أقلهم مداهنة في النصيحة، وخير الأعمال أحمدها عاقبة، وخير النساء الموافقة لبعلها، وخير الثناء ما كان على أفواه الأخيار، وأفضل الملوك من لا يخالطه بطر ولا يستكبر عن قبول النصيحة.»
ولما كانت الحيوانات غير العاقلة عاقلة في كليلة ودمنة، فالكاتب يتكلم على ذكورها بصيغة المذكر العاقل، فيقول مثلا: «زعموا أن جماعة من القردة كانوا ساكنين.»
ويمتاز أسلوبه بخاصتة الرياضية التي اختصت بها فلسفة اليونان ، ولا سيما الفلسفة الفيثاغورية،
22
وما فيها من عدد وتقسيم، حتى ظن بعض المستشرقين أن لكليلة ودمنة أصلا يونانيا، وأن ابن المقفع كان عارفا بلغة اليونان. على أن كلا الأمرين لم يثبتا، وإنما الثابت أن ابن المقفع اطلع على حكمة اليونانيين في كتب الفرس التي نقلها، فراض عقله على هذا الأسلوب المنطقي، وأتحف به لغة العرب، وكانت لا تعرفه من قبل. ولا تنحصر خاصته هذه في كليلة ودمنة، بل تجدها في الأدب الصغير والأدب الكبير. ودونك مثالا عليها قوله في باب الأسد والثور: «يا بني، إن صاحب الدنيا يطلب ثلاثة أمور لن يدركها إلا بأربعة أشياء: أما الثلاثة التي يطلب، فالسعة في الرزق، والمنزلة في الناس، والزاد للآخرة. وأما الأربعة التي يحتاج إليها في درك هذه الثلاثة، فاكتساب المال من أحسن وجه يكون، ثم حسن القيام على ما اكتسب منه، ثم استثماره ثم إنفاقه فيما يصلح المعيشة ويرضي الأهل والإخوان، فيعود نفعه في الآخرة.»
ويكثر في هذا النوع من إنشائه استعمال أما التفصيلية، وتراه حافلا بالقياسات ومنها المدرجة المتسلسلة، كقوله في باب الحمامة المطوقة: «وجدت من لا إخوان له لا أهل له، ومن لا ولد له لا ذكر له، ومن لا مال له لا عقل له ولا دنيا ولا آخرة؛ لأن من نزل به الفقر لا يجد بدا من ترك الحياء، ومن ذهب حياؤه ذهب سروره، ومن ذهب سروره مقت نفسه، ومن مقت نفسه كثر حزنه، ومن كثر حزنه قل عقله وارتبك في أمره، ومن قل عقله كان أكثر قوله وعمله عليه لا له، ومن كان كذلك فأحر به أن يكون أنكد الناس حظا في الدنيا والآخرة.»
ويختلط الأسلوب القصصي بالأسلوب المنطقي في إنشاء كليلة ودمنة، فيدمثه ويسهله، ويزيل عنه الجفاف والتعقيد اللذين يعمان كتب المنطق والفلسفة. وتبدو عبارته واضحة كل الوضوح بريئة من الغموض، تتناولها الأفهام بخفة، فما يصعب عليها تحصيل معانيها.
وعلى الجملة، فإن كليلة ودمنة يمتاز بسهولته وانسجامه ووضوحه وسلاسته، واتساق أفكاره وتساوق أمثاله، وإسهابه واسترساله. وهو أخلد كتاب عرفته اللغة العربية، فقد نيف على الألف من السنين، والأيدي تتداوله، والمدارس حافلة به.
الأدب الصغير
Неизвестная страница