واستعمال المتنبي هذه اللغة لا تليقُ به؛ لأنّها في غاية الشذوذ، من
كونه جَرَّ بعد " لات "، وأوقع بعدها الاسم وليس بحين ولا ظرف محمول
على الحين، ولا يُسْمَحُ للمُوَلَّدين في مثل هذا الاستعمال.
وقد خرّجه بعضهم على أنّ " لات " بمعنى غير، وهي صفة لمحذوف: أي: ونادوا حينًا غير حين مناص، وهو مردود؛ لأن الواو إذ ذاك تكون زائدة ولا فائدة لها حينئذٍ.
وأما تخريجُ الزمخشري لهذه القراءة فلا ينبغي أن يُسَطَّرَ لبُعده.
وأقرب من هذا كلِّه تخريجُ أبي حيَّان ﵀، قال: إن الجرّ
في (حين) على إضمار " من "، أي: ولات من حين مناص، ونظيره
قولهم: على كم جذعٍ بيتك: أي من جذع، ونحوه: ألا رجلٍ جزاه
الله خيرًا، أي: من رجل، ويكون " من حين " في موضع رفع على أنه
اسم " لات " بمعنى " ليس " كما تقول: ليس من رجلٍ قائمًا، والخبر
محذوف.
وخرّجَ بعضُهم خَفْضَ الحين على أنّ الخَفْضَ بـ " لات "، وخَفَضوا بها
على الأصل، لأن ما اختصّ من الحروف بالأسماء ولم يكن كالجزء منها
فالأصل فيه أن يعملَ الجرّ، ونظيرُ ذلك الجرُّب " لعل " وب " لولا ".
وقد قال الفرّاء: ومن العرب من يَخْفِضُ بـ " لات " وأنشد:
. . . ولتَنْدَمَن ولاتَ ساعةِ مندمِ
قلت: ولعمري، إنّه لتخريج حسن.
1 / 55