فلو كان فيض الدمع ينفع مدنفًا ... بكيت بدمعٍ لا يمل من النظر
لقد فاز أصحاب القلوب التي لها ... على البين صبر أو تحن إلى الصبر
شكوت إلى السود المفارق لوعتي ... فقلن مشيب الرأس داعية الهجر
فما حيلتي والبلغم اليوم آفتي ... على أن هجر الحب قاصمة الظهر
ومن ذلك:
ظبيٌ أذاب مفاصلي بدلاله ... فاق الظباء بحسنه وجماله
فكأنما حجز العبير بجلده ... من طيبه ما في الورى كمثاله
الزعفران تراب أرض مؤملي ... أفديه من قصرٍ وبدلاله
قد صد واتخذ القطيعة ديدنًا ... وزها على دنفي بحسن خصاله
أنا منه فيما لو تعشقه الورى ... لأتى على الأرواح بعض خياله
قد خر نجمي فيه بعد علوه ... وأذاب جسمي عند زم رحاله
يا بؤس قلبٍ حاوه من لحظه ... في حسنه قد فاق لحظ غزاله
قد صد مغترمًا وعلق مهجتي ... بأبائه وصغا إلى عذاله
أفهل على ما قد أكابد مسعدٍ ... أم هل مجيرٌ من طويل ملامه
يختال مثل المرأة الرود التي ... هي راحة المحزون من بلباله
ماذا على مولاي بعد صدوده ... لو كان أتحفني بطيب خياله
يا أيها الزاكي الولادة جد لمن ... قد ذاب من كمدٍ برد سؤاله
أبدى الهوى دمعي فأخرج كلما ... أخفي فيا ويلاه من أفعاله
فبحق من جعل المشيمة موطنًا ... للطفل فك القلب من أغلاله
ومن ذلك:
سأسلخ قلبي من عزاي ومن صبري ... وأشغله بالهم والحزن والفكر
فما الحية الصماء إن هي أسرعت ... إلى قول لاقيها خروجًا من الصخر
بأسرع من دمعي إذا لام لائمي ... وعنفني في طول شوقي إلى البدر
أعاذل بي وجدٌ شديدٌ ولوعةٌ ... تزيد ووقع ما يمل من القطر
فهل من معينٍ لي على طول حسرتي ... وهل راحمٍ لي من بلاي ومن ضري
أعاذل قد أكثرت لومي على البكا ... فخذ خبري أنبيك بالصدق من أمري
تطلع في المرآة مالك مهجتي ... فتاةٌ بحسن الخال في الخد والثغر
فأسرع في الإعراض عني وأسرعت ... دموعي دراكًا تستهل على النحر
فيا حسنه بين الولايد كالدمى ... كبدر تمامٍ حف بالأنجم الزهر
لقد زاده الرحمن حسنًا وبهجةً ... كما زادني في الهجر في الذل والصغر
ومن ذلك:
دعي طول هذا الهجر يا غرة البدر ... فمالي على الهجران والبعد من صبر
كأني أدمنت الجلوس على الغضا ... ففي كبدي وجدٌ أحر من الجمر
أقول على ما بي من الضر والأسى ... ودمعي دمًا يجري على الخد والنحر
أيا من كأن اللبد منها للينه ... حريرٌ وذاك الريق كالمسك والخمر
صلي مستهامًا يقطع الليل حسرةً ... تقلبه أيدي الغرام إلى الفجر
أقيك جميع البؤس يا أكرم الورى ... وأحسنهم من بين بدوٍ ومن حضر
أغيثي أسيرًا في يديك عنانه ... له مقلةٌ ما أن تمل من القطر
ومن ذلك: ومن كلام الشيخ الأدكاوي
قالوا إذا كنت تهوى كل ذي هيفٍ ... فاصبر إذا زخرف الواشون بالفند
كم تحت كم هذا الظبي من عجبٍ ... تعنى به المرأة الحسناء من كمد
أذاب بالحر لما مل وا أسفي ... قلبي ولكن شوقي فيه بالرصد
عشق المليح بلى، والخريدة لا ... يمل فكري لها قددن لي رشدي
إن شاء أنزل بي ما لو ضجرت به ... ألقى المشيمة مثل المسقط الولد
ومن ذلك:
لنزف الدمع إن تصلب دوا ... عليك بنظرةٍ ممن تحب
فإنك إن ظفرت بها أحلت الدم الجاري لوصفٍ يستحب
وتغدو في أسير العيش دهرًا ... يؤخذ منك للإسقام طب
ورأيك يبتغي في كل وقتٍ ... وأمك للدوا شيح وشب
فقل عندي عقاقير وعفص ... وكندر منقى وغداك عشب
ومن كل نصف من واحدٍ أو ... ثلاث جزو فيه أدب
ويعجن إن تشاء بخل خمرٍ ... تصير أمام دهرك بل تحب
وقل في الوصف من يعمل لهذا ... ويستعمله لا يلقاه كرب
ومن ذلك:
أترجو لنزف الدم من عينك الشفا ... ويؤخذ عنك الصبر في برء دائكا
ويغدو مزاجٌ منك في غاية القوى ... فيسحق حساد بكيب شفائكا
1 / 43