فإذا علمت هذا الدليل تبيّن لك أن القادرية التي هي الحال قد تجبر أكابر العلماء في كونها ثابتة، أو ليست بثابتة.
وحيث لم تكن معلومة للأكابر بالأدلة فكيف تعلم لسائر الخلق. وحيث لم تكن مخلوقة لمن لا يعلمها لما سبق أن من لم يعلم شيئا يستحيل قصده إلى إيجاد. كيف وقد أطبق أهل السنة على نسبة الخلق إلى الله، ولا يصح نسبته للعبد فيما يعلمه للعبد كالضرب وغيره، فكيف يتوهم في أمر مستبعد لا شعور للعبد به.
هذا على مذهبنا مما لا يخطر بالبال ولا تعول عليه الرجال. هذا إن كان قصدكم هل هي مخلوقة لله وللعبد؟
أما إن كان قصدكم هل مخلوقة ولا يكون الخلق إلا لله، أم ليست مخلوقة أصلا لأحد فكلامكم حق كما سيأتي بيانه.
وقد سبق ما ينبني عليه، وهو من أدلّة أهل الحق النصوص، كقوله تعالى: ﴿والله خلقكم وما تعملون﴾ (١) أي وعملكم. والقادرية لا يشعر بها العبد، فليست من عمله فهي أجدر.
وما في قوله تعالى: ﴿وما تعملون﴾ مصدرية؛ لئلا يحتاج لحذف الضمير. فلو جعلت موصولا اسميا لكان المعنى أيضا صحيحا، والدليل واضح، أي والذي تعملونه، والذي يعملونه هو العمل.
فإن قلت: كيف ادّعى بعضهم عدم الاستدلال بها على أن ما موصول اسمي؟
_________
(١) الصافات: الآية ٩٦
1 / 71