The Excuse of Ignorance Under Shariah Scrutiny
العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي
Издатель
دار الكتاب والسنة
Номер издания
الثانية
Год публикации
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
Место издания
باكستان
Жанры
وقال ﵀: "فلا ينجون من عذاب الله، إلا من أخلص لله دينه وعبادته ودعاه مخلصًا له الدين، ومن لم يشرك به ولم يعبده، فهو معطل عن عبادته وعبادة غيره، كفرعون وأمثاله، فهو أسوأ حالًا من المشرك، فلا بد من عبادة الله وحده، وهذا واجب على كل أحد، فلا يسقط عن أحد البتة، وهو الإسلام العام الذي لا يقبل الله دينًا غيره، ولكن لا يعذب الله أحدًا حتى يبعث إليه رسولًا، وكما أنه لا يعذبه فلا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة مؤمنة، ولا يدخلها مشرك ولا مستكبر عن عبادة ربه. فمن لم تبلغه الدعوة في الدنيا امتحن في الآخرة، ولا يدخل النار إلا من اتبع الشيطان، فمن لا ذنب له لا يدخل النار، ولا يعذب الله بالنار أحدًا إلا بعد أن يبعث إليه رسولًا، فمن لم تبلغه دعوة رسول إليه، كالصغير، والمجنون، والميت، في الفترة المحضة، فهذا يمتحن في الآخرة كما جاءت بذلك الآثار (١) اهـ.
قلت: من هذا النقل أن المشرك لا يدخل الجنة وإن كان جاهلًا، ولم تأته رسالة. لأن الجنة لا تدخلها إلا نفس مسلمة مؤمنة، والإسلام: هو إخلاص الدين لله. والمشرك لم يخلص دينه لله.
وهذه الأحكام عامة في كل بني آدم، لم يخصص منها قوم دون قوم، لأن الميثاق أخذ عليهم جميعًا، فأي: قوم وإن كانوا ينتسبون إلى دين ورسالة وكتاب، غير أنهم واقعون في الشرك مع الجهل والتأويل، فإنهم تجرى عليهم هذه الأحكام وإن كانوا من أمة محمد، ﷺ، أو من أهل الكتاب.
قال ابن تيمية نعم قد يشكل على كثير من الناس نصوص لا يفهمونها، فتكون مشكلة بالنسبة إليهم لعجز فهمهم عن معانيها. ولا يجوز أن يكون في القرآن ما يخالف صريح العقل والحس إلاّ وفي القرآن بيان معناه، فإن القرآن جعله الله شفاءًا لما في الصدور، وبيانًا للناس، فلا يجوز أن يكون بخلاف ذلك، لكن قد تخفى آثار الرسالة في بعض الأمكنة والأزمنة حتى لا يعرفون ما جاء به الرسول ﷺ إما أن لا يعرفوا اللفظ، وإما أن يعرفوا اللفظ ولا يعرفوا معناه فحينئذ يصيرون في جاهلية بسبب عدم نور النبوة ومن ههنا يقع: الشرك وتفريق الدين شيعًا، كالفتن التي تحدث السيف، فالفتن القولية والعملية هي من الجاهلية بسبب خفاء نور
_________
(١) جـ: ١٤ ص: ٤٧٧ لمجموع الفتاوى.
1 / 54