بالعامة الجهال؛ بل عامة الأمة كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى وقد سئل ﵀ عن قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)﴾، كيف استوى؟ فأطرق مالك حتى علاه الرحضاء ثم قال: "الاستواء معلوم، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" (^١).
فرق بين المعنى المعلوم من هذه اللفظة وبين الكيف الذي لا يعقله البشر.
وهذا الجواب من مالك ﵀ شافٍ في جميع مسائل الصفات من السمع، والبصر، والعلم، والحياة، والقدرة، والإرادة، والنزول، والغضب، والرحمة، والضحك، فمعانيها كلها معلومة، وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذ تعَقُّل الكيف فرع العلم بكيفية الذات وكنهها، فإذا كان ذلك غير معلوم فكيف نعقل كيفية الصفات؟ !
والعصمة النافعة في هذا الباب: أن تصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسول الله ﷺ، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل تثبت له الأسماء والصفات وتنفي عنه مشابهة المخلوقات، فيكون إثباتك منزهًا عن التشبيه، ونفيك منزهًا عن التعطيل.
فمن نفى حقيقة الاستواء فهو معطل، ومن شبهه باستواء المخلوقات فهو ممثل، ومن قال: هو استواء ليس كمثله شيء فهو الموحد المنزه، انتهى كلامه وتبين مرامه، وظهر أن معتقده موافق لأهل الحق من السلف وجمهور الخلف.
فالطعن الشنيع القبيح الفظيع غير موجه عليه، ولا متوجه إليه ... " (^٢).