الشبهات من جهة وتمكنه من النظر والاستدلال من جهة أخرى.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ "الناس في الاستدلال والتقليد على طرفي نقيض، منهم من يوجب الاستدلال حتى في المسائل الدقيقة، أصولها وفروعها على كل أحد، ومنهم من يحرِّم الاستدلال في الدقيق على كل أحد، وهذا في الأصول والفروع، وخير الأمور أوسطها" (^١).
ويقول أيضًا: "فلا إطلاق القول بالوجوب صحيحًا، ولا إطلاق القول بالتحريم صحيحًا" (^٢).
ويقول العلامة الشنقيطي (^٣) ﵀: "التحقيق أن التقليد منه ما هو جائز، ومنه ما ليس بجائز" (^٤).
وما قرره ابن حجر ﵀ من القول بندرة من هو مقلد في أصول الدين وأن الغالب على العامة الاستدلال، وحكمه بصحة إيمان المقلد تقليدًا جازمًا إذا لم يتمكن من النظر والاستدلال موافق لما عليه أهل السنة والجماعة وجمهور الأمة.
يقول العلامة ابن حزم ﵀: "قال سائر أهل الإسلام: كل من اعتقد بقلبه اعتقادًا لا يشك فيه وقال بلسانه: لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ﷺ فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك ...
ونحن لا ننكر الاستدلال بل هو فعل حسن مندوب إليه محضوض عليه كل من أطاقه؛ لأنه تزود من الخير، وهو فرض على كل من لم تسكن نفسه إلى التصديق، نعوذ بالله ﷿ من البلاء، وإنما ننكر كونه فرضًا على كل أحد لا يصح إسلام أحد دونه، هذا هو الباطل المحض" (^٥).
(^١) مجموع الفتاوى (٢٠/ ١٨).
(^٢) المصدر السابق (٢٠/ ٢٠٣).
(^٣) هو محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي، سلفي المعتقد، متفنن في علوم عدة، من مؤلفاته: أضواء البيان لتفسير القرآن بالقرآن، منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز، آداب البحث والمناظرة، توفي سنة ١٣٩٣ هـ.
انظر: ترجمة تلميذه عطية سالم له في أوائل كتابه أضواء البيان (١/ ١٩).
(^٤) أضواء البيان (٧/ ٤٨٧).
(^٥) الفصل (٤/ ٦٧).