ولكن الحافظ ابن حجر ذكر بأن الباعث له على دخوله في الإسلام ما سمع في بيت أخته فاطمة من القرآن (١).
ولا شك أن القرآن ببيانه الساحر وروعة تصويره لمشاهد القيامة وصفة الجنة والنار، كان له تأثير كبير في اجتذاب عمر إلى صف المسلمين، لأن عمر كان يتذوق الكلام البليغ ويعجب به. وعدم ثبوت الروايات حديثيًا لا يعني حتمية عدم وقوعها تأريخيًا.
دخول المسلمين شعب أبي طالب:
لقد حدد رسول الله ﷺ المكان الذي تقاسمت فيه قريش على الكفر - يعني تحالفها على مقاطعة بني هاشم - فذكر أنه خيف بني كنانة (٢)،وقد ورد الخبر مفصلًا من مرسل أبي الأسود ومرسل الزهري (٣)، كما ورد من مرسل عروة بن الزبير (٤)، ونظرًا لأن الزهري وأبا الأسود من تلاميذ عروة، فإن ثمة احتمالًا قويًا أنهما يرويان الخبر عنه، مما يجعل المرسل (٥) لا يقوى بالتعدد لوحدة مخرجه.
وإذا لم تثبت رواية في تفاصيل دخول المسلمين شعب أبي طالب، فإن أصل الحادث ثابت (٦)، كما أن ذلك لا يعني عدم وقوع تفاصيل الحادث تأريخيًا، فإن
(١) ابن حجر: فتح الباري ٧/ ١٧٦.
(٢) صحيح البخاري (فتح الباري ٧/ ١٩٢، ٨/ ١٤). قال النووي والمحصب والأبطح والبطحاء وخيف بني كنانة اسم لشيء واحد.
(شرح صحيح مسلم ٩/ ٥٩).
(٣) بإسناد حسن إلى أبي الأسود والزهري (دلائل البيهقي ٢/ ٣١١ - ٣١٤ والدرر في اختصار المغازي والسير لابن عبد البر ٢٧ - ٣٠).
(٤) بإسناد ضعيف إليه فيه محمد بن عمرو بن خالد الحراني لم أقف له على ترجمة وابن لهيعة ضعيف (الدلائل لأبي نعيم ١/ ٣٥٧ - ٣٦٢ والدلائل للبيهقي ٢/ ٣١٤).
(٥) يعني مرسل أبي الأسود والزهري، إذ هما أقوى سندًا إليهما من مرسل عروة الذي لم يثبت عنه من طريق صحيحة.
(٦) قال ابن حجر: "ولما لم يثبت عند البخاري شيء من هذه القصة اكتفى بإيراد حديث أبي هريرة لأن فيه دلالة على أصل القصة لأن الذي أورده أهل المغازي من ذلك كالشرح لقوله في الحديث "تقاسموا على الكفر". (فتح الباري ٧/ ١٩٣).