[طه: 5]، ويد الله وعينه وجنبه ونحو ذلك، وصح الجمع بين ابتغاء الفتنة وابتغاء التأويل لما علمت من أن ابتغاء التأويل يوجب ابتغاء الفتنة دون العكس، أو لأن ابتغاء التأويل في زعمهم إظهار للحق وتجويد للفهم بدون اعتبار أن يقتدى بهم غيرهم أو ألا يقتدوا بهم { وما يعلم تأويله } أى تأويله المتشابه { إلآ الله والراسخون } عطف على لفظ الجلالة { في العلم } يعلم الله والمتمكنون في العلم معنى المتشابه كما نسرنا الاستواء بالغلبة، واليد بالقدرة والملك، وإن أريد بالمتشابه ما اختص الله بعلمه.
وعلم وجه الشىء كمدة الدنيا، أو سائر خلقه وعدد الزبانية التسعة عشر فالمعنى لا يعلم تأويله إلا الله، وأن الراسخين في العلم { يقولون ءامنا به } بالمتشابه كما هو بلا دخول في تفسيره. الجملة مستأنفة، أو حال من الراسخون، وإن جعلنا الراسخون مبتدأ فالجملة هذه خبره { كل } من المحكم والمتشابه { من عند ربنا } كناية عن كونهما حقا، فإن كل ما جاء من الله حق،
" روى أنس عنه صلى الله عليه وسلم أن الراسخين من صدق حديثه، وبر يمينه، وعف بطنه وفرجه "
، والمراد أن هذه علامتهم التى يتعين أن يكونوا عليها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد نجران،
" ألستم تعلمون أن ربنا حى لا يموت، وأن عيسى عليه السلام يأتى عليه الفناء؟ قالوا: بلى، قال عليه الصلاة والسلام: ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شىء فى الأرض ولا فى السماء؟ قالوا: بلى، قال صلى الله عليه وسلم: فهل يعلم عيسى من ذلك إلا ما علم؟ قالوا: نعلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألستم تعلمون أن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء، وأن ربنا لا يأكل ولا يشرب ولا يحدث؟ قالوا: بلى، قال صلى الله عليه وسلم: ألستم تعلمون أن عيسى عليه السلام حملته أمه كما تحمل المرأة، ووضعته كما تضع المرأة ولدها ثم غذى كما يغذى الصبي، ثم كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث؟ قالوا: بلى، قال عليه الصلاة والسلام. فكيف يكرن هذا كما زعمتم، فسكتوا "
، فأنزل الله عز وجل فيهم من سورة آل عمران إلى بضع وثمانين، وتقدم أن ثلاثة من الوفد مقدمون عندهم، وآل أمرهم إليهم، وهم العاقب أميرهم، والسيد صاحب رحلتهم، وأبو حارثة بن علقمة حبرهم وإمامهم، وروى أنهم دخلوا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى العصر، عليهم ثياب الحبرة، جبب وأردية من رآهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما رأينا وفدا مثلهم، وقد حانت صلاتهم، فقاموا يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلوا إلى المشرق، فكلم العاقب والسيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أسلما، فقالا: قد أسلمنا قبلك، قال صلى الله عليه وسلم: كذبتما يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا وعبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، فقالا: إن لم يكن ولد الله فمن أبوه؟ إلى آخر ما مر، وفيه، ألم تعلموا أن ربنا قيوم كل شىء وحافظه ورازقه؟ قالوا: بلى "
{ وما يذكر } يتذكر في شأن المتشابه كغيره { إلآ أولوا الألباب } وهم الراسخون فى العلم، مدحهم بشدة، قوة للنفس معدة لاكتساب الأراء لخلوها من الأوهام الفاسدة، وهذا من كلام الله عز وجل، والرسوخ في العلم يكون بالتقوى والتواضع والزهد والمجاهدة، وهذا كلام من الله، معترض بين قول الراسخين المتقدم وقولهم.
[3.8]
{ ربنا لا تزغ قلوبنا } عن الحق في المتشابه ولا في غيره، كما أزغت قلوب هؤلاء { بعد إذ هديتنآ } إليه، وقيل: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا من كلام غير الراسخين، علمهم الله أن يقولوه، قالت عائشة كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو بهذا الدعاء،
Неизвестная страница