هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾ ١
٢- وهو سبحانه ينعم عليك، ويحسن إليك بنفسه، فإن ذلك موجب ما تَسَمَّى به، ووصف به نفسه، إذ هو الرحمن الرحيم، الودود المجيد، وهو قادر بنفسه، وقدرته من لوازم ذاته، وكذلك رحمته وعلمه وحكمته، لا يحتاج إلى خلقه بوجهٍ من الوجوه، بل هو الغني عن العالمين ﴿وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ ٢. فالرب سبحانه غني بنفسه، وما يستحقه من صفات الكمال ثابت له بنفسه، واجب له من لوازم ذاته، لا يفتقر في شيء من ذلك إلى غيره، ففعله وإحسانه وجوده من كماله، لا يفعل شيئًا لحاجة إلى غيره بوجه من الوجوه، بل كل ما يريد فعله فإنه ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾، [هود: من الآية: ١٠٧، والبروج، من الآية: ١٦] .
وهو سبحانه ﴿بَالِغُ أَمْرِهِ﴾، [الطلاق، من الآية: ٣]، فكل ما يطلبه فهو يبلغه ويناله ويصل إليه وحده، ولا يعينه أحد، ولا يعوقه أحد، لا يحتاج في شيء من أموره إلى مُعِيْنٍ، وما له من المخلوقين ﴿مِنْ ظَهِيرٍ﴾، [سبأ، من الآية: ٢٢]، وليس ﴿له ولي من الذل﴾، قاله شيخ الإسلام.
الأمر بعبادة الله واجتناب عبادة الطاغوت.
قال: وقوله: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ ٣.
قالوا: ﴿الطاغوت﴾؛ مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد. وقد فسَّره السلف ببعض أفراده. قال عمر بن الخطاب ﵁: الطاغوت: الشيطان. وقال جابر ﵁ "الطواغيت: كهان كانت تنْزل عليهم الشياطين". رواهما ابن أبي حاتم. وقال مجاهد: "الطاغوت: الشيطان في صورة الإنسان، يتحاكمون إليه وهو صاحب أمرهم". وقال مالك: الطاغوت: كل ما عبد من دون الله.
قلت: وهو صحيح، لكن لا بد فيه من استثناء مَنْ لا يرضى بعبادته.
_________
١ سورة آية: ٢٠-٢١.
٢ سورة النمل آية: ٤٠.
٣ سورة النحل آية: ٣٦.
1 / 31