اعمارهم، حنينًا منهم إلى من فقدوه، وألفه لمن صحبوه.
وما أقول إن ذلك كان تصنعًا لكن طبعًا حقيقيًا واختيارًا لا يدخل فيه، ولا يرون سواه، ولا يقولون في طي عقدهم بغيره.
وإني لأعرف من كان في جيد حبيبه بعض الوقص فما استحسن أغيد ولا غيداء بعد ذلك؛ وأعرف من كان أول علاقته بجارية مائلة إلى القصر فما أحب طويلة بعد هذا؛ وأعرف أيضًا من هوي جارية في فمها فوه لطيف فلقد كان يتقذر كل فم صغير ويذمه ويكرهه الكراهية الصحيحة.
وما أصف عن منقوصي الحظوظ في العلم والأدب لكن عن أوفر الناس قسطًا في الادراك، وأحقهم باسم الفهم والدراية.
وعني أخبرك أني أحببت في صباي جارية لي شقراء الشعر فما استحسن من ذلك الوقت سوداء الشعر، ولو أنه على الشمس أو على صورة الحسن نفسه، وإني لأجد هذا في أصل تركيبي من ذلك الوقت، لا تواتيني نفسي على سواه ولا تحب غيره البتة، وهذا العارض بعينه عرض لأبي ﵁ وعلى ذلك جرى إلى أن وافاه أجله.
وأما جماعة خلفاء بني مروان ﵏ ولا سيما ولد الناصر منهم، فكلهم مجبولون على تفضيل الشقرة، لا يختلف في ذلك منهم مختلف، وقد رأيناهم ورأينا من رآهم من لدن دولة
1 / 130