- ٧ - باب من أحب صفة لم يستحسن بعدها غيرها مما يخالفها
واعلم أعزك الله إن للحب حكمًا على النفوس، ماضيًا، وسلطانًا قاضيًا، وأمرًا لا يخالف، وحدًا لا يعصى، وملكًا لا يتعدى، وطاعة لا تصرف، ونفاذًا لا يرد، وأنه ينقض المرر، ويحل المبرم، ويحلل الجامد، ويخل الثابت، ويحل الشغاف، ويحل الممنوع.
ولقد شاهدت كثيرًا من الناس لا يهتمون في تمييزهم، ولا يخاف عليهم سقوط في معرفتهم، ولا اختلال بحسن اختيارهم، ولا تقصير في حدسهم، قد وصفوا أحبابًا لهم في بعض صفاتهم بما ليس بمستحسن عند الناس ولا يرضى في الجمال، فصارت هجيراهم، وعرضة لأهوائهم، ومنتهى استحسانهم، ثم مضى أولئك إما بسلو أو بين أو هجر أو بعض عوارض الحب، وما فارقهم استحسان تلك الصفات ولا بان عنهم تفضيلها على ما هو أفضل منها في الخليقة، ولا مالوا إلى سواها؛ بل صارت تلك الصفات المستجادة عند الناس مهجورة عندهم وساقطة لديهم إلى أن فارقوا الدنيا وانقضت
1 / 129