Исламский суфизм и имам Ша'рани
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Жанры
وهذا هو ما حدث لكل الفرق الإسلامية التي حاولت أن تجادل في علم الله، وأن تتطاول إلى القدس المغيب، لتدرك أسرار القضاء والقدر، أو لتهتدي إلى حقائق الذات والصفات، وأفعال العباد ومقام العبد منها، وأثر الله - جل جلاله - فيها.
ضلت هذه الفرق ولم تهتد؛ لأنها حاولت أن تنال الأعلى بالأدنى، وأن تلمس السر الإلهي بمداركها البشرية.
وضل مع هذه الفرق المنطقيون ورجال الكلام وعلماء التوحيد؛ لأنهم افترضوا للإيمان وابتكروا للمعرفة صورا وألوانا لا يقوم الإيمان إلا بها، ولا تكمل المعرفة إلا بحدودها، وهي صور وألوان ابتدعوها وافترضوها، لا يقرها القرآن، ولا تعرفها السنة، بل ولم يعرفها صحابة رسول الله، ولم تجل بعقولهم، وإنما تسربت إلى الفكر الإسلامي من الفلسفة اليونانية الوثنية الملحدة.
يقول الصلاح الصفدي في شرح لامية العجم: «إن المأمون لما هادن صاحب جزيرة قبرص كتب يطلب منه خزانة كتب اليونان - وكانت عندهم مجموعة في بيت لا يظهر عليه أحد - فجمع الملك خواصه من ذوي الرأي واستشارهم في ذلك، فكلهم أشار بعدم تجهيزها إليه إلا بطريق واحد، فإنه قال: جهزها إليهم؛ فما دخلت هذه العلوم على دولة شرعية إلا أفسدتها وأوقعت بين علمائها.»
ويقول ابن الجوزي في «تلبيس إبليس»:
1 «وكيف لا يذم الكلام وقد أفضى بالمعتزلة إلى قولهم: إن الله - عز وجل - يعلم جمل الأشياء ولا يعلم تفاصيلها. وقال جهم: علم الله وقدرته وحياته محدثة. وقال أبو علي الجبائي وأبو هاشم ومن تابعهما من البصريين: المعدوم شيء وذات ونفس وجوهر وبياض وصفرة وحمرة، وإن الباري - سبحانه وتعالى - لا يقدر على جعل الذات ذاتا، ولا العرض عرضا، ولا الجوهر جوهرا، وإنما هو قادر على إخراج الذات من العدم إلى الوجود.»
وقال النظام: «إن الله - عز وجل - لا يقدر على شيء من الشر، وإن إبليس يقدر على الخير والشر.»
ويقول أبو الفرج معقبا على تلك السفسطة الجدلية الفارغة: «أعوذ بالله من نظر وعلوم أوجبت هذه المذاهب القبيحة.»
وكان أبو الوفا بن عقيل يقول: «أنا أقطع أن الصحابة ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض؛ فإن رضيت أن تكون مثلهم فكن، وإن رأيت أن طريقة المتكلمين أولى من طريقة أبي بكر وعمر، فبئس ما رأيت.»
لقد دفع رجال الكلام وعلماء المنطق والمتأثرون بهم من المعتزلة وغيرهم بالأمة الإسلامية إلى شكوك ومجادلات وضروب من البحث العقيم باعدت بينهم وبين الإيمان، وباعدت بينهم وبين روح الإسلام، وباعدت بينهم وبين العبادة لله والعمل الصالح للحياة.
Неизвестная страница