Исламский суфизм и имам Ша'рани
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Жанры
وكان السبب الأكبر في هذا الجدل والحوار، وفي تلك الخصومات المجنونة الرعناء، هو أن النهضة الإسلامية العلمية كانت قد خمدت جذوتها، وخبا ضوؤها، وأخذت البدع والخرافات والأساطير تنطلق في أفق العالم الإسلامي.
لقد ذبل المشعل الذي ظل يتقد عشرة قرون، والذي أنارت أشعته الفكرية أرجاء الوجود، ذبل بل فني مخنوقا في الظلمات.
ويكفي لتصوير ظلمات هذا العصر أن التصوف، وهو قلب الإسلام النابض، أصبح في تلك الصورة المهلهلة التي رسمها الشعراني بقلمه: «كان التصوف حالا فصار كارا، وكان احتسابا فصار اكتسابا، وكان استنارا فصار اشتهارا، وكان اتباعا للسلف فصار اتباعا للعلف، وكان عمارة للصدور فصار عمارة للغرور، وكان تعففا فصار تملقا، وكان تجريدا فصار ثريدا.»
يكفي لتصوير هذا العصر المظلم أن الشعراني يحدثنا عن رجل يسمى الشيخ شعبان المجذوب كان يجلس على كراسي المساجد أيام الجمع وغيرها، ويقرأ ما يزعم أنه قرآن كريم، وقد سمعه الشعراني يقول على طريقة قراءة القرآن: «وما أنتم في تصديق هود بصادقين، ولقد أرسل الله لنا بالمؤتفكات يضربوننا، ويأخذون أموالنا، وما لنا من ناصرين.»
ثم يعقب على هذا قائلا: «اللهم اجعل ثواب ما قرأناه من الكلام العزيز في صحائف فلان وفلان.» ويعلق الشعراني قائلا: «ولم أسمع أحدا ينكر عليه شيئا من حاله، بل يعدون رؤيته عيدا عندهم.»
1
وكان زميله إبراهيم العريان يصعد إلى منبر المسجد عاريا ويخطب الناس قائلا: السلطان ودمياط وباب اللوق وبين الصورين وجامع طولون، والحمد لله رب العالمين؛ فيحصل للناس بسط عظيم، كما يقول الشعراني.
2
في تلك الظلمات، وفي هذا الجو الزاخر بالجهالات، بزغ نجم الشعراني متلألئا مشرقا كأنه ظاهرة كونية جاءت في موعدها المحدد، ووقتها المرسوم.
جاء كموجة صوفية أطلقها البحر الأعظم لتجتث كل شيء من جذوره، ثم تنحصر فتملأ الدنيا خصبا ونماء وبركة ونورا.
Неизвестная страница