Исламский суфизм и имам Ша'рани
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Жанры
ولكن الشعراني كان آخر نجم في ذلك الأفق؛ آخر نجم بحسب الترتيب الزمني؛ ولهذا انفرد وحده بخوض أعنف معارك التصوف في أحلك الأزمنة وأقساها وأشدها.
وحسبه أنه حارب كل معاصريه حتى المتصوفة، المتصوفة اسما لا معنى، فلقد فقد التصوف في عصره حلاه وعلاه.
حارب وحده، وانتصر وحده، وارتقى الذروة وحيدا، وأقام للتصوف دولة عاشت طوال حياته عزيزة غلابة.
حارب وانتصر في أشد العصور الإسلامية رهبة وظلاما وجمودا وجهلا، فأطلق آية النور المبصرة التي تمحو الظلمات، وأعاد للفكر الإسلامي قوته وهداه، وأعاد إلى القلوب القلقة إيمانها وتقواها.
كانت الأمة الإسلامية قبيل عهده تعيش في ظلمات يعلو بعضها بعضا، ظلمات خارجية تمثلت في أمواج بربرية من جنود المغول والتتر قادمة من المشرق تجتث الشعوب الإسلامية من أساسها، وتدمر حضارتها، وتطفئ شعلتها، وأمواج صليبية قادمة من المغرب فوارة بالغضب والتعصب، مشرعة السيف بالحقد والبغضاء.
وفي الداخل كانت الظلمات أشد وأقسى، كان الركود الروحي هو العلة الكبرى؛ فإن التسوية التي قام بها الغزالي بين المتصوفة والفقهاء كانت قد أهدرت من جانب الأشاعرة، الذين سلوا سيف الإجماع المصطنع ضد المفكرين تارة، وضد المتصوفة تارة أخرى.
حتى إن تاريخ الفكر الإسلامي بعد الغزالي منذ القرن السادس الهجري هو تاريخ النزاع المشبوب بين المتصوفة والأشاعرة من جهة، وبين المتصوفة ورجال الحديث من جهة أخرى، وأعقب هذا الصراع العنيف هبوط فكري عام في قواهم جميعا، كما تنتج المعارك الحربية الضعف والانهيار في القوات المتحاربة، وتحمل العالم الإسلامي بأسره وزر تلك المعارك الجدلية الهوجاء جهلا وجمودا، وبلادة ذهنية، وخمودا روحيا قاتلا.
وجاء ابن تيمية في أواخر القرن الثاني عشر للميلاد في قعقعة وزوبعة، يملأ الدنيا صياحا ضد كل مفكر سواه، ويخص بحملته الكبرى ومعركته العظمى التصوف والمتصوفة.
نادى ابن تيمية بالمعنى الحرفي للقرآن، ولم يقبل في الآيات المجسمة تأويلا، وفسق كل المذاهب الإسلامية في علم الكلام، وحرم الاجتهاد على الناس جميعا وأباحه لنفسه، فحدد صفات الله تعالى حسب رأيه، وحرم زيارة الأولياء وقراءة القرآن لهم، وتغالى فنادى بأن من يزور قبر الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - تقربا أو طلبا للشفاعة فهو ضال مبتدع.
وعاش ابن تيمية حليف السجون، ومات سجينا، ولكنه كان قد أطلق صيحة ملتهبة متوقدة الجمر، وتناول أتباعه كلماته فضخموها وألبسوها أردية فضفاضة زادت نار الحرب وقودا وضراما، حتى امتلأت شوارع القاهرة بالصراع والدماء بين أتباعه والمتصوفة، كما يقول الجبرتي.
Неизвестная страница