Эпоха единства: История арабской нации (Том четвертый)
عصر الاتساق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الرابع)
Жанры
وفي سنة 74 ولى عبد الملك أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد خراسان، فاستعمل أمية ابنه عبد الله ووجهه للقتال في سجستان، فغزا رتبيل فصالحه رتبيل، وبذل له ألف ألف فلم يقبل، وقال: إن ملأ لي هذا الرواق ذهبا وإلا فلا صلح لي، فخلى له رتبيل البلاد حتى أوغل فيها، ثم هجم عليه رتبيل فكاد أن يأخذه، وصالحه عبد الله، وبلغت هذه الأخبار عبد الملك فعزله وأباه، وضمها إلى العراق، فاستعمل الحجاج المهلب بن أبي صفرة على خراسان. وفي سنة 79 قطع المهلب نهر بلخ ونزل على كش، وكان معه أبو الأدهم الزماني البطل الجبار، فغنم المسلمون مغانم كثيرة، ووصلوا إلى بخارى، وفي تلك السنة سنة 79 استأذن الحجاج عبد الملك في تسيير الجنود إلى رتبيل، فأذن له، فجعل على البصرة عشرين ألف مقاتل، ومثلهم على الكوفة، وأعطى المقاتلين أعطياتهم، وأنفق عليهم ألفي ألف غير الأعطيات، وأنجدهم بالخيل القوية والسلاح الكامل، وكان في المقاتلين عدد من أبطال المسلمين، كأبي الأدهم الزماني ، وأبي محجن الثقفي، وكان هذا الجيش يسمى جيش الطواويس لجماله، ولما تم للحجاج تنظيم أمورهم، سيرهم بقيادة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فقدم سجستان وسار معه أهل سجستان، فلما بلغت أخباره رتبيل استجار وطلب الصلح فلم يقبل، فدخل عبد الرحمن بلاده وفتك بجنده، ثم كتب إلى الحجاج يهنيه، فحمد له جهده وأمره على تلك الديار، وأمره بالاستمرار في الغزو فاعتذر، فكتب إليه الحجاج يعنفه فغضب، ورجع إلى العراق خالعا الحجاج وعبد الملك، وجرت بين الجانبين معركة في دير الجماجم سنة 82 وسنة 83، ثم تراجع عبد الرحمن إلى سجستان، وفي هذه السنة سنة 79 بعث عبد الملك ابنه عبد الله بجيش كثيف إلى أرمينيا ففتح قالقيلا، وغنم مغانم كثيرة.
13
وفي سنة 74 ولى حسان بن النعمان الغساني على إفريقية، فسار إليها في جيش عظيم لم يدخل إفريقية جيش مثله، ولما وصل القيروان رتب أمورها، ومنها سار إلى قرطاجنة، فاجتمع عليه ملوك إفريقية من الروم والبربر، فقتل منهم عددا لا يحصى، ثم سأل عمن بقي من ملوك إفريقية، فدلوه على امرأة تعرف بالكاهنة، تملك البربر بجبل أوراس فسار إليها، ولكنها تغلبت عليه وشتتت شمل جنده، ثم بعث إليه عبد الملك مددا كبيرا، فتمكن من قتل الكاهنة، ومنذ ذلك الحين فشا الإسلام في البربر، وفي هذه الأثناء جاء النعي بموت عبد الملك، وكان ذلك في منتصف شوال سنة 86. (3) الحوادث الكبرى في عهده
فتنة الخوارج
ذكرنا في الباب الخاص بمعاوية بن أبي سفيان شيئا من أمر الخوارج في عهده؛ فقد كانوا يكرهونه أشد الكراهية، فعهد معاوية إلى المغيرة بن شعبة - وكان داهية قويا - ففتك بهم، وقبض على جماعة منهم: حيان بن ظبيان، ومعاذ بن جوين الطائي وغيرهما، وأخطرهم إلى الجلاء عن الكوفة، فجمعوا إخوانهم، فبعث إليهم المغيرة جيشا بقيادة معقل بن قيس الرياحي، والتقى الجمعان بالمذار بالقرب من البصرة فقتلوا عن آخرهم.
وفي سنة 45 ولى معاوية البصرة زياد ابن أبيه، فقدمها في ربيع الأول منها، فخطب في أهلها خطبته المشهورة بالبتراء التي جمع فيها ضروب التهديد بالسياسة والحزم، وكان من جراء ذلك أن توطدت أركان دولة معاوية في العراق. ولما مات والي الكوفة المغيرة بن شعبة في سنة 51 أضاف معاوية الكوفة إلى زياد، فذهب إليها وخطب في أهلها خطبة قطعت ظهورهم، ثم أتبع القول بالسيف ففتك بهم، ووجه أكثر همه إلى الخوارج، فلم يرتفع لهم صوت إلى أن مات زياد ابن أبيه، فلما وليها ابنه عبيد الله بن زياد تحركوا من جديد ففتك بهم مثل أبيه، وكان ممن قتلهم صبرا جماعة منهم: عروة بن أدية التميمي سنة 58، وهو أول من قال: لا حكم إلا لله، وسيفه أول ما سل من سيوف أباة التحكيم، وقد حضر النهروان ونجا منها، ولما زاد عبيد الله بن زياد في فتكه بالخوارج اجتمعوا وتذاكروا في أمرهم، فقال لهم نافع بن الأزرق الحنفي: «إن الله قد أنزل عليكم الكتاب، وفرض عليكم الجهاد، واحتج عليكم، وقد جرد أهل الظلم فيكم السيوف، فاخرجوا بنا إلى هذا الذي قد ثار بمكة - ابن الزبير - فإن كان على رأينا جاهدنا معه، وإن يكن على غير رأينا وافقناه عن البيت.» ثم سار بهم إلى مكة، فأظهر لهم ابن الزبير أنه يرى رأيهم فقاتلوا معه إلى أن مات يزيد بن معاوية، ووضعت الحرب بين ابن الزبير وجند يزيد أوزارها، وقوي أمر ابن الزبير. ظهر للخوارج أن ابن الزبير لا يعتقد اعتقادهم، وأنه يطلب الأمر لنفسه، وأنه إنما قام بالأمر انتقاما لعثمان الذي يكرهونه، تركوا الحجاز ونزلوا البصرة وأخذوا ينشرون فكرتهم، فكثرت جموعهم، واستطاعوا أن يكسروا باب السجن ويخرجوا من فيه من إخوانهم، وما زال أمر الأزارقة الخوارج من أزارقة وصفرية ونجدات يعظم حتى امتد نفوذهم إلى البحرين والأهواز، فاضطر مسلم بن عبيس بن كريز أمير البصرة أن يقاتلهم، فخرج الخوارج إلى دولاب من أرض الأهواز، فلحق بهم أمير البصرة وفتك بهم، وقتل نافع في سنة 65 كما قتل دغفل بن حنظلة النسابة وغيره من وجوه الخوارج، فجمعوا جموعهم وقتلوا مسلم بن عبيس، وشتتوا جنده، وساروا نحو البصرة، فلما قربوا من البصرة خاف أهلها منهم، فأتوا الأحنف بن قيس وسألوه أن يتولى حربهم، فأشار عليهم بالمهلب بن أبي صفرة؛ لشجاعته وعقله وخبرته، فقبل المهلب ذلك على أن تكون له ولاية ما غلب عليه، وأن ينتخب من وجوه الناس وفرسانهم من أحب، وأن يعطى من بيت المال ما يتقوى به، فأجابوه إلى ذلك، فخرج للقاء الخوارج فهربوا منه حتى كرمان وأصفهان فلحق بهم وفرقهم، وظل يتعقبهم إلى أن ولى عبد الله بن الزبير أخاه مصعبا على العراق. ولما حضر مصعب ولى المهلب بلاد الجزيرة، وولى عمر بن عبيد الله بن معمر حرب الخوارج فحاربهم حتى أجلاهم عن أصفهان، ولكن عمر بن عبيد الله لم يكن في مثل بطش المهلب، فاستطاع الخوارج أن يجمعوا فلولهم ويسيروا إلى العراق، فطلب العراقيون إلى مصعب أن يعيد المهلب إلى قتالهم فرجع المهلب لمحاربتهم، وكان على رأس الخوارج آمر شجاع قوي، هو قطري بن الفجاءة، فاقتتل الفريقان قتالا دام قرابة سنة، تضعضع فيه أمر الخوارج بعد أن ظهرت فيهم ضروب الشجاعة والفروسية من جهة، والفتك بالأطفال والشيوخ والنساء من جهة أخرى.
14
ولما قتل مصعب بن الزبير وسيطر عبد الملك على العراق، خرج الخوارج من جديد وقوي أمرهم، وكان سبب ذلك أن عبد الملك ولى خالد بن عبد الله بن أسيد بلاد العراق، فصرف هذا المهلب عن قتالهم، وولى أمرهم أخاه عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد، فبعث إليه عبد الملك يعنفه في كتاب قال فيه: «قبح الله رأيك حين تبعث أخاك أعرابيا من أهل مكة على القتال، وتدع المهلب يجبي الخراج، وهو الميمون النقيبة، المقاسي للحرب، ابنها وابن أبنائها. أرسل إلى المهلب يستقبلهم، وقد بعثت إلى بشر بالكوفة ليمدك بجيش، فسر معهم ولا تعمل في عدوك برأي حتى يحضر المهلب والسلام.»
15
وكتب عبد الملك إلى أخيه بشر بن مروان بالكوفة يأمره بإنفاذ خمسة آلاف عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وكان ذلك سنة 72، فدارت معارك عديدة بين الجانبين أظهر كل منهما ضروبا من الشجاعة والفتوة ، صارت مضرب الأمثال، وكاد الخوارج أن يتغلبوا، فبعث عبد الملك بالحجاج أميرا على العراق، فأخذ يسير الأمور بسياسته الشديدة، فطردهم من العراق إلى فارس، ثم تبعهم إلى جيرفت ففتك بهم وشردهم، ثم إن الشقاق دب صفوفهم فتفرقوا شيعا؛ شيعة تزعمها قطري بن الفجاءة ورحل بها إلى طبرستان، وشيعة تزعمها عبد ربه الكبير. ولما وصل قطري وصحبه إلى طبرستان أخذوا يفتكون بمناوئيهم، فاضطر الحجاج أن يبعث إليهم بجيش فتك بقطري، وأضعف شوكة الأزارقة من ذلك الحين.
Неизвестная страница