История масонства
الحقائق الأصلية في تاريخ الماسونية العملية
Жанры
فلهذه الأسباب ولشدة عرى المحبة الوثيقة بين الأخوة وعظم تألبهم لإدراك غايات طالما صبوا إليها وكثرة اجتهادهم ليجعلوا علم البناء والهندسة رفيعا فلا يناله المتطفلون؛ أحرزوا شهرة قصر عن إدراك شأوها غيرهم من البنائين في الممالك الرومانية، وكانت تضرب الأمثال بعظمتهم إلى الجيل الثالث فيقال: أنشط من بناء بريطاني.
وجاءت بعد ذلك الديانة المسيحية بسمو تعاليمها وامتدت في بريطانيا امتدادا سريعا، وهي التي خولت المحافل الماسونية ما لها من عجائب العظمة التي أحرزتها، خلافا لغيرها من الجمعيات السرية، وصارت تلك المباني الهائلة التي كان يفتخر بها الحكم الروماني ويرسل إليها الأسرى مغللين مكبلين بالقيود يذوقون فيها مر العذاب ملجأ أمينا للمضطهدين ومحلات غبطة للعموم، وذلك من فضل الحرية التي دعا إليها المسيح وتلامذته الممتلئون من الحكمة والذين هزتهم محبة هذه الديانة العظيمة الشأن، فكانوا يذهبون من الشرق إلى الغرب يكرزون الأمم ويبشرون الشعوب بالحياة الأبدية.
وكان الذين يدينون بها عرضة للاضطهادات الشديدة التي كان يثيرها عليهم عبدة الأوثان، ولكنهم مع ذلك سمحوا لهم أن يقيموا مع جماعة البنائين، ويذهبوا إلى أربعة أقطار العالم الروماني ليشيدوا مبانيه ويجددوا حصونه.
ولحسن حظ مسيحيي بريطانيا كان حكام تلك الأقاليم أقل شراسة من غيرهم؛ فكان الاضطهاد على أولئك المنكوبين المنكودي الحظ الذين لا ذنب لهم سوى أنهم عرفوا الحق فاتبعوه أخف درجة في بريطانيا مما هو في غيرها من الممالك.
وصار الشعب يتألب معهم ويشاركهم في تعاستهم أسوة بالحكام والأشراف الذين لم يجردوا على المسيحيين سيوف رجزهم وغضبهم، ويرثي لهم في تلك الرزايا والنكبات.
فصار المضطهدون في الممالك الأخرى يهاجرون إلى بريطانيا لما رأوا فيها من رغد العيش بالنسبة إلى غيرها من البلدان وصارت منازل الأشراف وخصوصا المحافل الماسونية حرزا لهم حريزا.
ولما كان الحكام يستبدلون بآخرين ويرى هؤلاء أن لا مناص لهم من تنفيذ الأوامر الملكية القاضية عليهم باضطهاد المسيحيين اضطهادا شديدا أو يغيرون ديانتهم ويشركون بعبادتهم الأوثان، ويقربون لها الضحايا؛ كان النشيطون منهم على عمل الخير يحذرونهم بقرب الخطر ليكونوا من أمرهم على بينة فلا يتظاهروا بما هم عليه، بل يجهدون أنفسهم ليجدوا وسائط فعالة لصيانة قوم مظلومين.
وكان بعضهم يسافر إلى أيرلندا أو إلى اسكوتسيا ريثما يهدأ ثائر الاضطهاد الشديد وقد ذاق المسيحيون في اسكوتسيا حلاوة العيش وعرفوا غبطة الحياة فأرادوا مكافأتهم على إحسانهم الجميل وما أتوه نحوهم من الشفقة والحنان فأدخلوا معهم إلى تلك البلاد النصرانية علم البناء.
ومن ذلك العهد يبدأ تاريخ البناء في اسكوتسيا الذي أنشأه المسيحيون لعظماء تلك البلاد، فإن أبنيتها مشيدة على نمط البنائين الرومانيين القائمة على مر الزمان لا تؤثر فيها أيدي الأيام تدلنا صريحا على ما لمنشئها من الذكاء والمهارة الفائقة.
وفي سنة 287 خرج كاروزيوس عن طاعة مولاه وعصي على الأحكام الرومانية داعيا نفسه إمبراطورا، ولكنه خشي نكبات الزمان، وأن يحشد القيصر «مكسيمليانوس» شريك الإمبراطور «ديوكليتيانوس» جيشا جرارا فيبيده ومملكته الجديدة، فأراد أن يتخذ لنفسه حصنا حصينا من الرجال الذين اشتهرت شجاعتهم وعرف إقدامهم يقي به نفسه وبلاده من الهلاك فلجأ إلى جماعة البنائين الذين كان عددهم غفيرا، وكانوا ذوي سطوة لا تنازع.
Неизвестная страница