قرابة العقدين من السنين مكتبة المثنى في بغداد بإعادة طبعه بطريقة تصوير الأوفست، ونفذت نسخ الكتاب من الأسواق منذ سنين عديدة.
لقد بذل المستشرق أمدروز جهده في تحقيق نص الكتاب فنال بعض التوفيق، وكان حظه من الاخفاق أكبر، علما بأنه ألحق بالمتن عددًا من الحواشي المهمة استقى غالبيتها من تاريخ ميا فارقين للفارقي ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي.
ومرد الإخفاق إلى أنه لا يوجد في العالم إلا نسخة خطية واحدة من الكتاب، وهذه النسخة على وضوح خطها النسخي، ورغم نظافتها وخلوها من التطبيع وخروم الأوراق والأسطر، والاضطراب، فإن متنها قد انتشرت فيه التصحيفات بشكل رهيب، لا يستطيع المرء التنبه إليها إلا بكل صعوبة يضاف إلى هذا أن الناسخ -الذي لا نملك ترجمة لحياته- كان عاجزًا عن قراءة الأصل الذي اعتمده، لذلك لم يكتف بأعمال التصحيف بل تجاوز جملًا برمتها، ولهذا فمتن الكتاب فيه من الثغرات ما لا يمكن احصاؤه، وعندما أقدم أمدروز على نشر الكتاب أخفق في التنبه إلى تصحيفات النص وثغراته كما أخفق في قراءة الكثير من الكلمات بشكل صحيح، ولهذا جاءت طبعته مشوشة النص، وقامت الحاجة إلى إعادة تحقيق الكتاب ونشره.
ومنذ أكثر من عشرين عاما كنا نتحدث عن وجود حاجة ماسة إلى إعادة تحقيق جميع الكتب التي سبق نشرها في أوروبا، وأن هناك حاجات مسيسة للاهتمام بتاريخ بلاد الشام في العصور الإسلامية، فالطالب عندما يدرس العصر الأموي يعرف ما كان جري بالكوفة ولا يدري ما كان يجري في دمشق دار الخلافة، ومقر نشاطاتها، ولكم يتمنى المرء لو تم إنشاء مركز للدراسات الشامية يلحق بجامعة دمشق أو بغيرها من المؤسسات الثقافية، ويعمل على جمع مصادر تاريخ بلاد الشام، وإحياء نصوص هذه المصادر أو التعريف بها، وحبذا لو
المقدمة / 21