لتلامذته وملازميه. وقد اتخذ من داره الواسعة مدرسة عظيمة تضم طلاب الفقه والكلام والتفسير واللغة والشعر والعلوم كالفلك والحساب وغيره، حتى سميت دار العلم، وكان له فيها مجلس للمناظرات.
والملفت للنظر حسب ما روى المحققون أن مدرسته كانت جامعة إنسانية، اجتمع فيها كثير من طلاب العلم من مختلف المذاهب والملل دون تفريق بين ملة وملة ومذهب ومذهب.
وهذا يدل على رحابة صدره وسعة أفقه وعمق نظرته الانسانية وترفعه عن العصبية والطائفية والمذهبية التي كان يعتبرها نابعة من الجهل وضيق الأفق.
كما أنه - قدس الله سره - شغف بجمع الكتب وولع باقتنائها، ويكفي ما ذكر أن خزانته ضمت ثمانين ألف مجلد من مصنفاته ومحفوظاته ومقروءاته على ما حصره وأحصاه صديقه وتلميذه أبو القاسم التنوخي.
عصره ومعاصروه وأصحابه:
عاش الشريف المرتضى في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الهجريين وهي فترة انكماش الدولة العباسية وضعفها ووهنها أيام سيطرة أمراء الإقليم على حكم أقاليمهم وتولي بني بويه شؤون السلطة في بغداد.
وكان له بفضل ما أوتي من شرف العلم والنسب وما تحلى به من غزارة العلم وقوة الشخصية وعزة النفس ووفارة المال وجميل الخصال وسمو الرتبة وجليل المكانة أصدقاء كثر جلهم من أهل العلم والأدب والفضل والشرف، ويكفي أن نذكر بعض أساتذته وتلامذته ممن كانت لهم المراكز والرتب العلمية والدينية والدنيوية، إضافة إلى صلاته الوثيقة بالخلفاء والملوك والوزراء والأمراء والقادة، لنتبين المكانة العالية التي كان يتمتع بها رحمه الله. ونذكر على سبيل المثال:
Страница 9