Очищение пророков
تنزيه الأنبياء
أعلم أخاه بذلك ليجعله طريقا إلى التمسك به فقد خرج على هذا القول من أن يكون مدخلا على أخيه غما وترويعا بما جعله من السقاية في رحله وليس بمعرض له للتهمة بالسرقة لأن وجود السقاية في رحله يحتمل وجوها كثيرة غير السرقة فليس يجب صرفه إليها إلا بدليل وعلى من صرف ذلك إلى السرقة من غير طريق اللوم لتقصيره وتسرعه ولا ظاهر أيضا لوجود السقاية في الرحل يقتضي السرقة لأن الاشتراك في ذلك قائم وقرب هذا الفعل من سائر الوجوه التي يحتملها على حد واحد فأما نداء المنادي بأنهم سارقون فلم يكن بأمره (ع) وكيف يأمر بالكذب وإنما نادى بذلك أحد القوم لما فقدوا الصواع وسبق إلى قلوبهم أنهم سرقوه وقد قيل إن المراد بأنهم سارقون أنهم سرقوا يوسف (ع) من أبيه وأوهموه أنهم يحفظونه وضيعوه فالمنادي صادق على هذا الوجه ولا يمتنع أن يكون النداء بإذنه (ع) غير أن ظاهر القصة واتصال الكلام بعضه ببعض يقتضي أن يكون المراد بالسرقة سرقة الصواع الذي تقدم ذكره وأحسوا فقده وقد قيل إن الكلام خارج على معنى الاستفهام وإن كان ظاهره ظاهر الخبر كأنه قال إنكم لسارقون فأسقط ألف الاستفهام كما سقطت في مواضع قد تقدم ذكرها في قصة إبراهيم (ع) وهذا الوجه فيه بعض الضعف لأن ألف الاستفهام لا تكاد تسقط إلا في موضع يكون على سقوطها دلالة في الكلام مثل قول الشاعر
كذبتك نفسك أم رأيت بواسط
غلس الظلام من الرباب خيالا
مسألة فإن قيل فما بال يوسف (ع) لم يعلم أباه بخبره لتسكن نفسه ويزول وجده وهمه مع علمه بشدة تحرقه وعظم قلقه الجواب قلنا في ذلك وجهان أحدهما أن ذلك كان له ممكنا وكان عليه قادرا فأوحى الله تعالى إليه بأن يعدل عن اطلاعه على خبره تشديدا للمحنة عليه وتعريضا للمنزلة الرفيعة في البلوى وله تعالى أن يصعب التكليف وأن يسهله والوجه الآخر أنه جائز أنه
Страница 57