فصل
انظروا رحمكم الله إلى وقوع هذه الكيفية فإنها تشبه بعث بعض الأجساد وجمعها واحياءها وسرعة مسيرها إلى أرض المحشر حذوك النعل بالنعل
فأما كون وقوع المثال بالطيور بدلا من سائر الحيوانات فهو أن يقع الشبه فيها بأحوال البعث من ثلاثة أوجه
أحدها أنها تقبل التعليم حتى تدعى فتجيب كالنسر والعقاب والبازي والسوذنيق والغراب والطاووس إلى غير ذلك
وأنها تؤخذ أفراخا فتربى وتعلم فتقبل التعليم حتى تطير وترجع إلى داعيها إذا دعيت وكذلك الملك إذا دعا الموتى من القبور جمعوا وحيوا وأتوه
والثاني أن الطيور إذا دعيت أتت بسرعة تفوق بها سائر الحيوانات وكذلك الملك إذا دعا الموتى أتوه بسرعة كما قال تعالى {مهطعين إلى الداع} أي مسرعين وقال تعالى {يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون}
الثالث أن الطير تأتي في الهواء على خط استواء فتكون أسرع في الإتيان وأظهر للرائي فإنها لا تفوت بصره فلو كانت غير الطيور من الحيوانات كالأرانب والثعلب والكلب والذئب إلى غير ذلك وجاءته لكانت تتوارى في بعض الغيطان وخلف الشجر والربا إلى غير ذلك فكانت تغيب عن بصر
Страница 99