ومعنى خلق هنا صور لكون الشيء لا يخترع من الشيء وإنما يخترع لا من شيء وأخبر عليه السلام أن عجب الذنب الذي هو وسط الجرم منه بدئ تركيبه في الرحم وإليه ترجع الأجزاء الزائلة عنه في نواحي الأرض إذا بعث
وفي هذا الحديث دليل على أن اكل الأرض إنما هو عبارة عن تبدد الأجزاء في الجهات لا عدمها البتة
ويعضد ذلك ما سنذكره إن شاء الله تعالى في هذه القصة من جمع أجزاء الطيور بعد تفريقها وللناس في هذا عريض من القول لسنا الآن له
وأما قوله تعالى أولم تؤمن قال بلى
سأله بالنفي فأجابه ب بلى التي هي جواب النفي لإثبات المنفي كأنه قال له ألست مؤمنا بالبعث قال بلى معناه أنا مؤمن به كما علمت لكنني أريد أن يطمئن قلبي برؤية الكيفية فقال تعالى له {فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك} أي أملهن إليك بالإحسان والتعليم لكي تدعوها فتأتيك مجيبة لدعائك ففعل ذلك ثم أخذ الطيور وذكاها وحز رؤوسها وأمسكها عنده وهشم أجسامها وخلطها حتى صارت جسما واحدا لا يتميز بعضها من بعض ثم فرقها على أربعة أجبل ثم قعد هو في الجبل الوسط الذي أحاطت به الجبال الأربعة ثم دعاها فطارت القطرة من الدم إلى القطرة واللحمة إلى اللحمة والريشة إلى الريشة وكذلك صكيك العظام وهو ينظر إليها حتى التأم كل جسد على ما كان عليه من الأجزاء التي كانت له قبل ثم طار كل جسد إلى رأسه فالتأم به
Страница 98