بمداد ولا ما يجري مجراه، وإنما كان يُعْمَدُ إلى جلد أبيض فيُقَيد منه سير طويل ثم يعمد إلى عصا الفيج أو المكاري فيلف السير عليها، ويضم حروف السي بعضها إلى بعض، ثم يدعو بمسامير فتركب في السير على العصا كي يتماسك، ثم يكتب عليه ما يخاطب العامل به، فإذا فرغ من الكتاب سُلَّت تلك المسامير وكشف ذلك السير عن العصا فكان لا يتبين منها إلا نقط متفرقة، ثم يلف السير ويجعل كالطبق، ويقال للفيج أو المكاري إذا نزلت منزلًا فضع طعامك عليه لتوهم أنه طبق طعامك فيكون هذا دأب الرسول إلى أن يبلغ إلى حضرة المكتوب إليه، فحينئذ يرد لف السير على العصا، كما كان رسم به، بأن يجعل الثقب التي في السير تجاه الثقب التي في العصا، ويشد المسامير في الثقب ثم يضعها عند المكتوب إلأيه، فهذا هو الكتاب الذي إذا ضم وطوي بعضه إلى بعض أمكنت قراءته فإن نشر زالت صورته فتعذرت قراءته.
ثم سألت عنها أحمد بن علي البرقي فقال: نعم هذا صحيح، وأخذ درجًا من كاغد كان بين يديه فكسر منه شبيهًا بورقتين وضم أثناءه بعضها إلى بعض ثم كتب عليه شيئًا يُقرأ، ثم نشره وبسمله فصار في كل موضع من الورقتين كالعلامة والنقطة، فقال: هذا هو الكتاب الذي وصفه قائل البيتين:
قال بكر: ولم أشر واحدًا من المعنيين ولا خطر لي ببال ولكنني مررت بصحّاف عنده مجلّد فنظرت إلى حروف الأوراق الممسوحة
1 / 25