فلنفرض بدل الموجبة البسيطة- وهي قولنا زيد خير- حرف اَ وبدل سالبتها- وهي قولنا زيد ليس بخير- حرف الباء، وبدل الموجبة المعدولة- وهي قولنا زيد لا خير- حرف الدال، وبدل سالبتها- وهي قولنا زيد ليس هو لا خير- حرف جيم، ولنضع تحت الألف جَ وتحت الباء دَ فكل شيء إما أن يوجد اَ وإما بَ، وليس يمكن أن يجتمعا في شيء واحد إذا كانت إحداهما موجبة والثانية سالبة. وكذلك حال جَ مع دَ، إذ كانت إحداهما أيضا موجبة والأخرى سالبة. وهو بين أيضا أن كل ما يوجد فيه دَ فبالضرورة يوجد في كله بَ، لأنه إن كان قولنا في زيد إنه لا خير صدقا فواجب أن يكون قولنا فيه إنه ليس بخير أيضا صدقا، لأنه واجب أن يصدق عليه قولنا إنه خير أو إنه ليس بخير. وإذا كذب عليه أنه خير فواجب أن يصدق عليه أنه ليس بخير، فإذن كل ما يوجد فيه دَ يوجد فيه بَ فبَ لاحقه لدَ وموجودة حيث وجدت. وليس ينعكس هذا حتى تكون دَ موجودة في كل ما يوجد فيه بَ، لأنه إذا كان زيد معدوما صدق عليه أنه ليس بخير ولم يصدق عليه أنه لا خير. فهذه حال دَ مع بَ في اللزوم. وأما حال اَ مع جَ فبعكس هذا- أعني أن جَ لاحقه للألف وموجودة حيث وجدت. وليس ينعكس ذلك حتى تكون اَ لاحقة لجَ وموجودة حيث وجدت، لأن ما يصدق عليه قولنا إنه خير يصدق عليه إنه ليس لا خير لأنه إما أن يصدق عليه قولنا إنه ليس لا خيرا أو إنه لا خير. وليس ينعكس هذا حتى يكون ما يصدق عليه قولنا إنه ليس لا خير يصدق عليه قولنا إنه خير، فإن زيدا المعدوم يصدق عليه قولنا ليس لا خير إذ كان لا بد أن يصدق عليه قولنا إنه لا خير أو إنه ليس لا خير لأن هذين القولين أحدهما موجب والآخر سالب، وليس يخلو من أحدهما شيء ولا يجتمعان في شيء واحد. وإذا كان هذا هكذا فبين أنه ليس يمكن في جَ- وهي السالبة المعدولة- وفي دَ- وهي الموجبة المعدولة أن يجتمعا في شيء واحد، لأن ما يصدق عليه اَ يصدق عليه جَ وما صدق عليه جيم كذب عليه دَ إذ إحداهما موجبة والأخرى سالبة. وأما جيم- وهي السالبة المعدولة- وبَ- وهي السالبة البسيطة- فقد يجتمعان في شيء واحد، لأنه ليس يلزم وجود دَ فيما توجد بَ وإنما الأمر بالعكس- أعني أن بَ توجد فيما يوجد فيه دَ.
وقد يتوهم أن اَ- وهي الموجبة البسيطة ودَ- وهي الموجبة المعدولة- متقابلتان، وذلك أنه لما كنا وضعنا أن دَ متى كانت موجودة أن بَ موجودة وبَ واَ متقابلتان- أي متى وجد أحدهما ارتفع الآخر وليس يخلو من أحدهما شيء من الأشياء- فإذن دَ واَ بهذه الصفة. لكن لو كان دَ واَ متقابلتان على جهة السلب والإيجاب للزم متى وجد بَ أن يؤخذ دَ، وذلك كذب وخلاف ما بين لأنه كان واجبا أن يصدق على بَ دَ إذ كان كاذبا عليه اَ. وقد يمكن متى وضعنا أن جَ لازمة للألف وأن اَ ليس يلزم جَ أن يبين من ذلك أن بَ لاحقة لدَ وأن ذلك غير منعكس وأنه لا يمكن أن يجتمع دَ واَ ويمكن أن يجتمع جَ وبَ، وذلك أنه إذا كان هذا هكذا فبين أنه ليس يمكن في اَ ودَ أن يجتمعا في شيء واحد لأن بَ محصورة في دَ وحيث وجدت بَ فليس يوجد اَ لأن إحداهما موجبة والأخرى سالبة. وأما جَ وبَ فقد يمكن أن يجتمعا في شيء واحد، لأنه ليس اَ محصورة في جَ فقد توجد جَ حيث لا توجد اَ. وإذا كان كل شيء إما أن يوجد فيه اَ وإما بَ فقد يوجد جَ مرة في اَ وتارة في بَ. وقد يمكن أن يبين ببرهان آخر أنه متى كانت جَ لاحقة للألف أن بَ لاحقة لدَ وأن دَ واَ لا يمكن أن يجتمعا معا وأن بَ وجَ قد يمكن أن يجتمعا وذلك أنه إذا كانت جَ محصورة في اَ وكان كل شيء إما أن يصدق عليه دَ أو جَ فواجب أن يكون صادقا منها على بَ دَ دون جَ، لأن جَ محصورة في مقابل بَ الذي هو اَ. فإذن متى كانت جَ محصورة في اَ فإن بَ محصورة في دَ. وإذا كانت جَ محصورة في اَ وبَ محصورة في دَ فبين أن دَ واَ ليس يمكن أن يجتمعا في شيء واحد وأنه يمكن ذلك في جَ وبَ. وهذا الذي يعرض في القضايا الشخصية المعدولة والبسيطة يعرض مثله في العدمية مع البسيطة. وكما أنه ليس سالبة البسيطة الشخصية الموجبة الشخصية المعدولة الموجبة، كذلك ليس سالبة الموجبة الكلية البسيطة الموجبة الكلية المعدولة.
1 / 60