330

Тахрир ат-Тахбир

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

Редактор

الدكتور حفني محمد شرف

Издатель

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Место издания

لجنة إحياء التراث الإسلامي

وربما اشتد عيب كلمة المقطع رغبة في السجع، فجاءت نافرة من أخواتها، قلقة في مكانها بل اصرف كل النظر إلى تجويد الألفاظ، وصحة المعاني، واجتهد في تقويم المباني، فإن جاء الكلام مسجوعًا عفوًا من غير قصد، وتشابهت مقاطعه من غير كسب كان، وإن عز ذلك فاتركه وإن اختلفت أسجاعه، وتباينت في التقفية مقاطعة، فقد كان المتقدمون لا يحلفون بالسجع ولا يقصدونه بتة، إلا ما أتت به الفصاحة في أثناء الكلام، واتفق عن غير قصد ولا اكتساب، وإنما كانت كلماتهم متوازنة، وألفاظهم متناسبة، ومعانيهم ناصعة، وعبارتهم رائقة وفصولهم متقابلة، وجمل كلامهم متماثلة، وتلك طريقة الإمام علي ﵇، ومن اقتفى أثره من فرسان الكلام، كابن المقفع، وسهل بن هارون، وإبراهيم بن العباس، والحسن بن سهل، وعمرو بن مسعدة، وأبي عثمان الجاحظ، وغير هؤلاء من الفصحاء والبلغاء، ولا تجعل كل الكلام شريفًا عاليًا، ولا وضيعًا نازلًا، بل فصله تفصيل العقود، فإن العقد إذا كان كله نفيسًا، لا يظهر حسن فرائده، ولا يبين كمال واسطته، وانظر إلى نظم القرآن العزيز كيف جمع طبقات البلاغة الثلاث، ليظهر فضل كل طبقة في بابها، وتبين محكم أسبابها، ويعلم أن أدناها بالنسبة إليها يعلو على أعلى الطبقات من كلام البلغاء، ويربى عليها، فإن الكلام إذا كان منوعًا افتنت الأسماع فيه، ولم يلحق النفوس ملل من ألفاظه ومعانيه، واعلم أن الألفاظ أجساد والمعاني أرواحا، فإذا قويت الألفاظ فقو المعاني،

1 / 415