إما أن يحصل مرادهما فيكون زيد حيا ميتا وهذا محال ولا يحصل، فكل واحد متناهي المقدور وذلك فاسد، أو يحصل مراد أحدهما فهو القادر للذات والآخر متناهي المقدور فلا يكون إلها، وإلى هذا أشار الله تعالى بقوله: ?لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا?[الأنبياء:22]، وقال: ?ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون?[المؤمنون:91].
ويقال: أيقدر أحدهما أن يريد خلاف ما يريده الآخر وضده أم لا؟.
فإن قال: لا يقدر، وصفه بالعجز، وإن قال: نعم.
قلنا: فلو أراد الضدين كيف يكون، فبأي شيء أجاب بطل قولهم.
ويقال: أيقدر أحدهما أن يستر عن الآخر شيئا؟.
فإن قال: لا يقدر، وصفه بالعجز، وإن قال: نعم أخرجه عن كونه عالما لنفسه.
ويقال لهم: هل علمتم في الشاهد أحدا يعلم أنه كاذب أو علم أنه مذنب؟.
فإن قال: لا، كابر، والعقلاء يكذبونه، وإن قال نعم.
قلنا: فمن هو؟.
فإن قالوا: من النور، فقد أضافوا الكذب والذنب، وإن قالوا من الظلمة فقد أضافوا العلم إليها وهو خير، وإن قالوا: العلم من النور والكذب من الظلمة.
قلنا: السؤال وقع عن عالم علم أنه كذب أو أذنب.
ويقال لهم: هل علمتم مذنبا تاب؟! فلا بد من: بلى، قلنا: فمن أيهما؟
فإن قالوا من النور فقد أضافوا الذنب إليه، وإن قالوا من الظلمة فقد أضافوا التوبة إليه، وإن قالوا: التوبة من النور والذنب من الظلمة.
قلنا: فكأنه يتوب من أذنب غيره وهذا محال، والسؤال لم يقع عنه.
ويقال لهم: ظلم مظلوما ليقتله فجن عليه الليل فنجا، وأخر عليه النور والشمس فوجده وقتله، أليس هذا الخير والنجاة حصل من جهة الظلمة؟ وذلك القتل بسبب النور؟.
Страница 89