مسألة في نفي الإثنين
الذي نقول في ذلك: إنه تعالى واحد لا ثاني له ولا ند ولا مثل، ولا في كونه قادرا ولا دونه.
وقالت المانوية: بالنور والظلمة، وأنهما أصل الأشياء ومنهما تركب العالم ، فالنور خير والظلمة شر وهما مطبوعان على ذلك وكل واحد حي فعال.
وقالت الديصانية: النور حي قادر والظلمة ميتة عاجزة جاهلة، وطبعهما على ما قالت المانوية.
وزعمت المجوس: أن الله تعالى منه كل خير، والشيطان منه الشر، واختلفوا في الشيطان، فأكثرهم على أنه حدث من فكرة الله تعالى، وأنه جرى بينهما مناوشات إلى خرافات كثيرة.
ويقال لهم: الفعل يدل على صانع، فلا بد من: بلى، قلنا: فإذا ثبت صانع واحد فما الدليل على الثاني وما الحاجة إليه، وإذا كان يستغنى عنه لا يجوز إثباته.
فإن قال: اختلاف الأفعال توجب اختلاف الفاعلين.
قلنا: هذه دعوى، لم لا يجوز أن يقال إن الجميع فعل واحد كالواحد متى يفعل الخير والشر، أليس عند المجوس القديم أحدث الشيطان وهو أصل للشر، فهلا جاز أن يحدث جميع الشرور، والذي يذهب إليه هؤلاء في الشر ليس بشر، كالليل والحر والبرد والمرض والموت ونحوه، فيقطعون ذلك عن الإضافة إليه تعالى، ويلحقونه بالظلمة والشيطان.
ويقال لهم: أليس تقرر في عقل كل عاقل قبل النظر في المذهب أن من حق كل قادرين أن يصح من أحدهما أن يدعوه الداعي إلى فعل خلاف ما يدعو الداعي الآخر إليه؟ فلا بد من بلى.
فيقال: إذا كانا قديمين قادرين وجب أن يصح ذلك فيهما، فإذا دعى أحدهما إلى إحياء زيد والآخر إلى إماتته لم يخل من ثلاثة أوجه:
Страница 88