يقال لهم: فكيف توجب علة واحدة حركات متضادة والعلة الواحدة لا توجب ضدين كما لا توجب سكونا وحركة.
ويقال: أليست الحركات عندكم على ضربين، حركة طبيعية كحركة الماء والأرض سفلي وحركة النار والهوا علوي، وحركة اختيارية وهي ما خالف هاتين الحركتين، فلا بد من: بلى، فيقال لهم: فحركات الفلك تجمع فيها حركات متضادة طبيعية أو بعضها طبيعية؟
فإن قال بالأول نقض ما أصل، وإن قال بالثاني.
قلنا: فما الموجب لذلك؟
وبعد فإنا ما وجدنا شيئا فيه حركة علوية وحركة سفلية كلاهما طبيعية، فكيف أثبتم ذلك في الفلك؟ وهل ذلك إلا إثبات لعلة لمعلولين ضدين؟
ويقال: أليست النجوم أجساما؟ فلا بد من: بلى، فيقال: الأجسام متماثلة، فإذا كانت في بعضها حركات مختلفة طبيعية وجب أن يكون في سائرها كذلك.
فإن قال: للفلك طبيعة خامسة أو خارج عن الطبائع.
قلنا: هذا مجرد دعوى، فما دليلك عليه؟
فإن قال: لأن حركاته مختلفة.
قلنا: لأن حيا قادرا يحركه، وبعد فوجب أن تثبت لجميع الأجسام.
ويقال: تلك الطبيعة بأي شيء يحصل فيه دون سائر الأجسام؟
فإن قال: بطبيعة أخرى.
قلنا: فتلك لم حصلت فيها أيضا، فيؤدي إلى ما لا نهاية له، وإن قالوا بحي مختار هدم قولهم.
ويقال لهم: النجوم فوق الطبيعة كما زعمت الفلاسفة أو طبيعة كما زعم أهل النجوم؟، فإن قالوا بنفي الطبائع عنها وأنها فوق الطبيعة.
قلنا: فوجب أن يعدم عنها الاختلاف كعلو بعضها على بعض، وعظم قدر بعضها، واختلاف أحكامها وتأثيراتها، وسرعة جريانها.
وإن قالوا بأنها طبيعة.
قلنا: فيجوز أن تتغير طبائعها وتزيد وتنقص كالطبائع الأربع.
وإن قالوا: يجوز أن تتغير عن طبائعها.
Страница 68