مسألة في الرد على المنجمين في إضافة هذه التأثيرات إلى النجوم
الذي نقول في ذلك: إن هذه النجوم خلقها الله تعالى وسيرها في منازلها، وأجرى العادة بأن يفعل عند سيرها وكونها في المنازل أفعالا، منها ما هو أظهر بحيث يعلمه الجميع، ومنها ما يدق فلا يعلم إلا بحساب واختبار، وقد يجوز أن يتغير الحال في العادات، وإنما أخبر الله تعالى بذلك عادة في أزمنة قبل هذه الأزمنة، وقد تتغير العادات في أقل من ذلك، وليس شيء من النجوم بعلة موجبة ولا فاعلة وإنما المحدث للأشياء القديم سبحانه.
وأما المنجمون فزعموا أن لها تأثيرا، وأنها موجبة لتأثيراتها.
فيقال لهم: هذه النجوم علة لهذه التأثيرات، أم هي حية مختارة قادرة عالمة فاعلة؟.
فإن قالوا: هي علة موجبة.
قلنا: باطل؛ لأن العقول تشهد بأن العلة يجب أن تختص بمعلولاتها نهاية الاختصاص، وهذا غير حاصل في النجوم مع هذه الأشياء المركبة؛ لأن الاختصاص أن تحله حتى يؤثر فيه، وبعد فإذا كانت موجبة يجب أن توجب في الحال، فما بال هذا التدريج والترتيب.
ويقال: أهي علة في هذه الأشياء لذاتها أو لعلة أخرى؟.
فإن قالوا: لذاتها.
قلنا: فوجب أن تكون المعلولات حاصلة معها. وإن قال لعلة أخرى تسلسل.
ويقال: أهي قديمة أو محدثة؟.
فإن قالوا: قديمة.
قلنا: فوجب أن تكون التأثيرات أيضا قديمة. وإن قال محدثة، قلنا: فبأي شيء حدثت فتسلسل.
ويقال لهم: هذه النجوم أجسام أم لا؟ فلا بد من أن يقول أجسام.
قلنا: فالأجسام كلها جنس واحد، فإن كان بعضها علة موجبة لشيء لذاتها فكذلك سائر الأجسام، وقد دلت العقول على أن الأجسام المشاهدة لا تؤثر في شيء، وبعد فلم صار بعضها علة أولى من بعض.
Страница 66