قلنا: هو محذوف، والمراد على أداء الفرائض التي تقدم ذكرها من الصلاة والزكاة وغيرهما، وعن الانتهاء عما نهوا عنه، وقيل: هو خطاب لليهود الذين أخذوا الرشا من أتباعهم على تغيير الدين، فأمرهم بالاستعانة عن الضيق، ولا تفعلوا ذلك، وقيل: على مشقة التكليف، وقيل على الوفاء بعهدي الذي عاهدتموني في كتابكم من طاعتي، وقيل: على تنجيز ما وعد به لمن اتبع الرسل، عن أبي مسلم بالصبر والصلاة بعني: بفعلهما.
ومتى قيل: كيف وجه الاستعانة بهما؟
قلنا: أما الصلاة فلما فيها من تلاوة القرآن والتدبر في معانيه والاتعاظ بمواعظه، والإقدام على أوامره، والانتهاء عن نواهيه، وفيها الدعاء والخضوع لله، وفيها معونة على من تنازع النفس إليه من الاستكبار وحب الدنيا، وفيها لطف للمكلف في الامتناع عن الفحشاء والمنكر، فأما الصبر فقيل: أراد به الصوم وقيل: الكف عن المحارم، وقيل: الصبر على الطاعة وعن المعصية.
وجه آخر: أن الصبر والصلاة ألطاف في الدعاء إلى الطاعات واجتناب المعاصي.
ووجه آخر: أنه ليس من أفعال القلب أعظم من الصبر ولا في أفعال الجوارح أعظم من الصلاة، فأمر بالاستعانة بهما.
وإنها لكبيرة أي ثقيلة عن الحسن وجماعة، والأصل فيه أن ما يكبر يثقل على الإنسان حمله كالأجسام إلا على الخاشعين قيل: على المصلين، عن ابن عباس، وقيل: المؤمنين، عن أبي علي، وقيل: الخائفين، عن الحسن والأصم، وقيل: المتواضعين، عن مقاتل، وقيل: المطيعين، عن أبي روق.
ويقال: جبف خص الخاشع بأنه لا يكبر عليه فإذا لم يكبر عليه، كيف يستحق الثواب؟
قلنا: فيه قولان:
Страница 364