وأما أقسام السعادى على مذهب هذا الحكيم فهي خمسة أقسام. أحدها في صحة البدن ولطف الحواس ويكون ذلك من اعتدال المزاج أعني أن يكون جيد السمع والبصر والشم والذوق واللمسز والثاني في الثروة والأعوان وأشباهما حتى يتسع لأن يضع المال في موضعه ويعمل به سائر الخيرات ويواسي منه أهلالخيرات خاصة والمستحقين عامة ويعمل به كل ما يزيد في فضائله ويستحق الثناء والمدح عليه. والثالث أن تحسن أحدوثته في الناس وينشر ذكره بين أهل الفضل فيكون ممدوحا بينهم ويكثرون الثناء عليه لما يتصرف فيه من الإحسان والمعرفة. والرابع أن يكون منجحا في الأمور وذلك إذا استتم كل ما روى فيه وعزم عليه حتى يصير إلى ما يأمله منه. والخامس أن يكون جيد الرأى صحيح الفكر سليم الإعتقادات في دينه وغير دينه بريئا من الخطأ والزلل جيد المشورة في الآراء.
فمن اجتمعت له هذه الأقسام كلها فهو السعيد الكامل على مذهب هذا الرجل الفاضل ومن حصل له بعضها كان حظه من السعادة بحسب ذلك. وأما الحكماء قبل هذا الرجل مثل فيثاغورس وبقراط وأفلاطون وأشباههم فإنهم أجمعوا على أن الفضائل والسعادة كلها في النفس وحدها.
1 / 91