الفلسفة
تنقسم إلى قسمين إلى الجزء النظري والجزء العملي فإذا كمل الإنسان بالجزء العملي والجزء النظري فقد سعد السعادة التامة، أما كماله الأول بإحدى قوتيه أعني العالمة وهي التي يشتاق بها إلى العلوم فهو أن يصير في العلم بحيث يصدق نظره وتصح بصيرته وتستقيم رويته فلا يغلط في إعتقاد ولا يشك في حقيقة وينتهي في العلم بأمور الموجودات على الترتيب إلىالعلم الإلهي الذي هو آخر مرتبة العلوم ويثق به ويسكن إليه ويطئن قلبه وتذهب حيرته وينجلي له المطلوب الأخير حتى يتحد به وهذا الكمال قد بينا بالقوة الأخرى أعني القوة العاملة فهو الذي نقصده في كتابنا هذا وهو الكمال الخلقي ومبدؤه من ترتيب قواه وأفعاله الخاصة بها حتى لا تتغالب وحتى تتسالم هذه القوى فيه وتصدر أفعاله كلها بحسب قوته المميزة منتظمة مرتبة كما ينبغي وينتهي إلي التدبير المدني الذي يرتب الأفعال والقوى بين الناس حتى تنتظم ذلك الإنتظام ويسعدوا سعادة مشتركة كما كان ذلك في الشخص الواحد. فإذا الكمال الأول النظري منزلته منزلة الصورة والكمال الثاني العملي منزلته منزلة المادة وليس يتم أحدهما إلا بالآخر لأن العلم مبدأ والعمل تمام والمبدأ بلا تمام يكون ضائعا والنمام بلا مبدأ يكون مستحيلا وهذا الكمال هو الذي سميناه غرضا.
1 / 50