وشبهناه بالفرس الذي إذا لم تصدر عنه أفعال الفرس على التمام استعمل مكان الحمار بالاكاف وكان وجوده أروح له من عدمه وجب أن تكون الصناعة التي تعني بتجويد أفعال الإنسان حتى تصدر عنه أفعاله كلها تامة كاملة بحسب جوهره ورفعه عن رتبة الأخس التي يستحقق بها المقت من الله والقرار في العذاب الأليم أشرف الصناعات كلها وأكرمها. وأما سائر الصناعات الأخر فمراتبها من الشرف بحسب مراتب جوهر الشيء الذي تستصلحه وهذا ظاهر جدا من تصفح الصناعات لأن فيها الدباغة التي تعني باستصلاح جلود البهائم الميتة وفيها صناعة الطب والعلاج التي تهتم باستصلاح الجواهر الشريفة الكريمة وهكذا الهمم المتفاوتة التي ينصرف بعضها إلى العلوم الدنيئة وبعضها إلى العلوم الشريفة. وإذا كانت جواهر الموجودات متفاوتة في الشرف في الجماد والنبات والحيوان. أما في الحيوان فكجوهر الديدان والحشرات إذا قيس إلى جوهر الإنسان. وإما في جوهر الموجودات الآخر فظاهر لمن أراد أن يحصيها. فالصناعة والهمة التي تصرف إلى أشرفها أشرف من الصناعة والهمة التي تصرف إلى الأدون منها. ويجب أن يعلم ان اسم الإنسان وإن كان يقع على أفضلهم وعلى أدونهم فإن بين هذين الطرفين أكثر مما بين كل متضادين من البعد. وإن رسول الله ﷺ قال: ﴿ليس شيء خيرا من ألف مثله الإنسان " وقال: ﵊ " الناس كابل مائة لا تجد فيها راحلة واحدة "
1 / 47