فأما العدالة فهي فضيلة للنفس تحدث لها من إجتماع هذه الفضائل الثلاث التي عددناها وذلك عند مسالمة هذه القوى بعضها للبعض وإستسلامها للقوة المميزة حتى لا تتغالب ولا تتحرك لنحو مطلوباتها على سوم طبائعها ويحدث للإنسان بها سمة يختار بها ابدا الإنصاف من نفسه أولا ثم الإنصاف والإنتصاف من غيره وله. وسنتكلم على كل واحدة من هذه الفضائل بكلام أوسع من هذا إذا ذكرنا الفضائل التي تحت كل جنس من هذه الأربع إذ كان غرضنا في هذا الموضع الإشارة إليها بالرسوم الوجيزة ليتصورها المتعلم. والذي ينبغي الآن أن نتبع ما قدمنا بذكر أنواع هذه الأجناس وماتحت كل واحد منها فنقول ﴿الأقسام التي تحت الحكمةْ الذكاء. الذكر. التعقل. سرعة الفهم وقوته صفاء الذهن سهولة التعلم وبهذه الأشياء يكون حسن الإستعداد للحكمة فأما الوقوف على جواهر هذه الأقسام فيكون من حدودها. وذلك أن العلم بالحدود يفهم جواهر الأشياء المطلوبة الموجودة دائما على حال واحد وهو العلم البرهاني الذي لا يتغير ولا يدخله الشك بوجه من الوجوه.
1 / 27