Тафсир аль-Мизан
تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي
Жанры
قال تعالى: "ألا له الخلق والأمر": الأعراف - 53، وقال تعالى "لله ما في السموات وما في الأرض": البقرة - 284، وقال تعالى: "له ملك السموات والأرض": الحديد - 5، وقال تعالى: "قل كل من عند الله": النساء - 77.
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على أن كل شيء مملوك محض لله لا يشاركه فيه أحد، وله أن يتصرف فيها كيف شاء وأراد وليس لأحد أن يتصرف في شيء منها إلا من بعد أن يأذن الله لمن شاء ويملكه التصرف من غير استقلال في هذا التمليك أيضا، بل مجرد إذن لا يستقل به المأذون له دون أن يعتمد على إذن الإذن، قال تعالى: "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء": آل عمران - 26، وقال تعالى: "الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى": طه - 50، إلى غير ذلك من الآيات، وقال تعالى أيضا: "له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه": البقرة - 255، وقال تعالى: "ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه": يونس - 3.
فالأسباب تملكت السببية بتمليكه تعالى، وهي غير مستقلة في عين أنها مالكة.
وهذا المعنى هو الذي يعبر سبحانه عنه بالشفاعة والإذن، فمن المعلوم أن الإذن إنما يستقيم معناه إذا كان هناك مانع من تصرف المأذون فيه، والمانع أيضا إنما يتصور فيما كان هناك مقتض موجود يمنع المانع عن تأثيره ويحول بينه وبين تصرفه.
فقد بان أن في كل السبب مبدأ مؤثرا مقتضيا للتأثير به يؤثر في مسببه، والأمر مع ذلك لله سبحانه.
4 - القرآن يثبت تأثيرا في نفوس الأنبياء في الخوارق
ثم إنه تعالى قال: "وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون": المؤمن - 78.
فأفاد إناطة إتيان أية آية من أي رسول بإذن الله سبحانه فبين أن إتيان الآيات المعجزة من الأنبياء وصدورها عنهم إنما هو لمبدإ مؤثر موجود في نفوسهم الشريفة متوقف في تأثيره على الإذن كما مر في الفصل السابق.
وقال تعالى: "واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله": البقرة - 102.
والآية كما أنها تصدق صحة السحر في الجملة كذلك تدل على أن السحر أيضا كالمعجزة في كونه عن مبدإ نفساني في الساحر لمكان الإذن.
وبالجملة جميع الأمور الخارقة للعادة سواء سميت معجزة أو سحرا أو غير ذلك ككرامات الأولياء وسائر الخصال المكتسبة بالارتياضات والمجاهدات جميعها مستندة إلى مباد نفسانية ومقتضيات إرادية على ما يشير إليه كلامه سبحانه إلا أن كلامه ينص على أن المبدأ الموجود عند الأنبياء والرسل والمؤمنين هو الفائق الغالب على كل سبب وفي كل حال، قال تعالى: "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون": الصافات - 173، وقال تعالى: "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي": المجادلة - 21، وقال تعالى: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحيوة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد": المؤمن - 51.
والآيات مطلقة غير مقيدة.
ومن هنا يمكن أن يستنتج أن هذا المبدأ الموجود المنصور أمر وراء الطبيعة وفوق المادة.
فإن الأمور المادية مقدرة محدودة مغلوبة لما هو فوقها قدرا وحدا عند التزاحم والمغالبة، والأمور المجردة أيضا وإن كانت كذلك إلا أنها لا تزاحم بينها ولا تمانع إلا أن تتعلق بالمادة.
بعض التعلق وهذا المبدأ النفساني المجرد المنصور بإرادة الله سبحانه إذا قابل مانعا ماديا أفاض إمدادا على السبب بما لا يقاومه سبب مادي يمنعه فافهم.
0115 1
5 - القرآن كما يسند الخوارق إلى تأثير النفوس يسندها إلى أمر الله تعالى
ثم إن الجملة الأخيرة من الآية السابقة في الفصل السابق أعني قوله تعالى: "فإذا جاء أمر الله قضي بالحق الآية، تدل على أن تأثير هذا المقتضي يتوقف على أمر من الله تعالى يصاحب الإذن الذي كان يتوقف عليه أيضا فتأثير هذا المقتضي يتوقف على مصادفته الأمر أو اتحاده معه.
Страница 42