قال جالينوس: إن كنت ذاكرا لما تقدم قول أبقراط في تدبير الغذاء فإن الحاجة إلى ما قاله في هذا الفصل يكون عندك أبين. والذي تقدم من قوله هو أنه نحا في طريق تدبير الغذاء في الجملة نحو غرضتين، أحدهما قوة المريض والآخر مرتبة المرض. فإن النظر في المرض هل يكون حادا أو حادا جدا أو مزمنا ومتى يكون منتهاه هو النظر في مرتبة المرض. * وألحق (403) الدليل على الأغذية الجزئية التي تتناول يوما فيوما من نوائب الحميات الجزئية. فصارت الأعراض للتعرف لتدبير الغذاء معرفة تامة لا نقصان فيها ثلاثة أغراض، الأول قوة المريض الثاني نظام المرض والثالث النوائب الجزيئة. فأما قوة المريض فقد يمكنا أن نعرفها منذ أول دخلة ندخلها إلى المريض من بيض عروقه ومن سائر ما قد وصفه أبقراط في كتاب تقدمة المعرفة. ومن قبل هذا أنه لم يقل PageVW6P008B أحد إنه لا يمكن أن يعرف مقدار القوة، لكن جميع الأطباء متفقون على أنه كان لا يمكن أن يعرف مقدارها بالحقيقة فقد يعرف بالحدس الصناعي وهو الحدس الذي على سبيل التسديد والتقريب. وأما مرتبة المرض وكيف تكون * نوائب (404) الحمى فإن كثيرا من الأطباء قد ظن أنه لا يمكن أن يعرف من قبل أن يكون. وأما أبقراط فلم يظن هذا، وأمرها يعرف فيه كما يعرف سائر ما في الطب. وذلك أنا ربما عرفناها معرفة صحيحة يجوز أن نسميها يقينا وربما عرفناها بالحدس إلا أن ذلك الحدس ليس هو الحدس العام كيف ما وقع لكنه حدس صناعي قريب من الحقيقة واليقين فيتقدم ويعلم متى يكون منتهى المرض وفي أي وقت الأوقات يعود نوبة الحمى. وقد شرح أبقراط هذا شرحا أبين من هذا في كتابه في تقدمة المعرفة وفي كتاب أبيديميا، وقد فسرنا نحن أيضا ما وصف أبقراط في ذلك في هذين الكتابين شرحا شافيا على رأي أبقراط في المقالة الأولى من كتابنا في البحران، وبينا كيف يعلم متى يكون منتهى المرض قبل أن يكون بأقرب الطرف. وأما في هذا الموضع فإن أبقراط إنما أتى بجملة من هذا المعنى بإجاز، ونحن أيضا نمثل طريقته فنبين ما وصف بأخصر ما يمكننا من القول وأوجزه. فإن أراد مريد أن يعلم جميع أمر هذا الطريق على ما ينبغي فليقرأ كتابنا في البحران. فأقول إن الأمراض أنفسها قد تدل على تناسب نوائب الحمى وعلى نظام الأمراض. ومثال ذلك أن الحمى الغب من الحميات التي تأخذ وتدع تدل على أن المرض يكون قصيرا والبحران سريعا. وأما الحمى النائبة في كل يوم فتدل على أن المريض طويل. وأما الربع فتدل على أن المرض أطول من النائبة في كل يوم. وأما الحمى التي لا تفارق فإن الحمى التي تسمى المحرقة تدل على أن المرض حاد، والحمى التي * تسمى (405) * اللثغة (406) * أطول (407) ، والحمى المركبة التي يقال لها باليونانية أنطريطاوس تدل على أنها مرض متوسط بينهما. وقد وصفت بأبلغ ما يكون من الشرح كيف يعرف جميع الحميات منذ أول أخذها في المقالة الثانية من كتاب البحران. فليس ينبغي أن ننقل إلى تفسير هذا الفصل كلما قد تقدمنا فقلناه في كبت أخر وشرحناه على ما ينبغي، ولا أن نروم تكرير قولا واحدا مرارا كثيرة في كتب شتى في معنى واحد، لكن ينبغي أن نقتصر على أن نذكر بأنه إن كان ممكنا أن نعرف حمى الغب، وأول ما يبتدئ فقد يمكن أن يعلم منها أن المرض قصير وبحرانه سريع وأنها تنوب غبا، وهذا هو ما أراد أبقراط حين قال إن الأمراض نفسها تدل على نوائبها ومرتبتها. وقد عرفنا * مرارا (408) كثيرة حمى الربع مذ أول ما ابتدأت في أول يوم أخذت ولم تحتج في تعرفها إلى انتظار الدور الثاني فقدرنا * تدبيرا (409) للمريض منذ أول مرضه على حسب ما يصلح لمرض يأتي منتهاه بعد زمان طويل. PageVW6P009A وكذلك تقديرنا * التدبير (410) في الحمى النائبة في كل يوم والنائبة غبا على حسب قرب منتهى كل واحدة منهما وبعده. والحال في سائر الأمراض كالحال في الحميات. * فإن (411) ذات الجنب وذات الرئة والسرسام أمراض حادة. والذبحة والهيضة التشنج هي أمراض حادة جدا. والاستسقاء ومدة الجوف والوسواس السوداوي وقرحة الرئة وهو السل هي أمراض مزمنة. ونوائب الحمى أكثر ما يكون في ذات الجنب والسرسام غبا، وأكثر ما يكون فيمن به جراح فيه مدة في معدته أو في كبده وفي من به السل في كل يوم لا سيما بالليل، وأكثر ما يكون عليه نوائب الحمى فيمن كان مرضه من طحال أو من كان مرضه بالجملة من المرة السوداء يوما نعم ويومين لا. وأما ما قال أبقراط بعد هذا وهو قوله «وأوقات السنة» فإنه نسق على ما تقدم من قوله. وذلك أن أوقات السنة قد تدل مع المرض وعلى مرتبة المرض ونوائب الحمى. وليس يكفيك أن تعرف أن الحمى التي ابتدأت اليوم هي حمى الربع في تقدمة المعرفة منذ أول المرض بما ينبغي من تقدير * تدبير (412) الغذاء على حسب ما يصلح لمرض مزمن، لكنه ينبغي لك أن تنظر مع ذلك هل الوقت الذي ابتدأت فيه الحمى شتاء أو صيفا أو خريفا بعد أن تعلم أن حمى الربع الصيفية في أكثر الأمر تكون قصيرة الخريفة طويلة لا سيما متى اتصلت بالشتاء. ويعلمنا أبقراط هذا في فصول أخر تأتي بعد. وحمى الغب أيضا في نفسها قصيرة سريعة البحران، لكنها في الصيف أقصر وأسرع بحرانا كثيرا منها في الشتاء. وكل واحد من سائر الأمراض يزيد في الصيف سرعه وفي الشتاء أبطأ. ونوائب الحمى أيضا تكون في الصيف أكثر ذلك غبا وتكون في الخريف ربعا وتكون في الشتاء في كل يوم. وحال أصناف المزاج أيضا عند مرتبة المرض ونوائب الحمى كحال أوقات السنة، وقد علمنا أبقراط أمر أصناف المزاج * مرارا (413) كثيرة وترك ذكره في هذا الفصل اتكالا منه على أن الناظر في كتابه سيصرف ما قال في الأوقات إلى غيرها مما هو في نظيرها. وذلك إنما يدل عليه الوقت إذا كان صيفا قد يدل عليه مزاج المريض أيضا إذا كان حارا يابسا وسنه إذا كان قد بلغ منتهى الشباب والبلد الذي هو فيه إذا كان حارا يابسا والمهن والعادات التي تذهب هذا المذهب وحال الهواء المحيط بالمريض في الوقت الحاضر إذا كانت كذلك، ونستعلمك أمر هذه الأشياء فيما بعد. وكذلك أيضا كلما يدلك عليه وقت الخريف من أمر نظام المرض وأدوار نوائب المرض وأدوار نوائب الحمى قد يمكن أن يستدل عليه من سن المريض ومن طبيعته وعمله وعادته والبلد الذي مرض فيه ومزاج الهواء الذي من PageVW6P009B قبله عرض له ذلك المرض في ذلك الوقت. وقد تبين أنه قد يعرف من هذه الأسباب التي ذكرنا نظام الأمراض ونوائبها. أما نظام المرض فهل هو حاد أم حاد جدا أو مزمن، وهذا مما تحتاج إليه حاجة اضطرارية في تقدمة المعرفة بمنتهى المرض. وأما نوائب الحمى فهل تكون غبا أو ربعا أو في كل يوم وفي أي وقت من النهار أو من الليل يبتدئ. فلننظر الآن بعد هذا هل تدل على ما قاله أبقراط في أخر هذا الفصل على المعنيين الذين ذكرناهما أم لا. وذلك أنه قال «وتزيد الأدوار بعضها على بعض نائبه كانت في كل يوم أو يوما ويوما لا أو في أكثر من ذلك من الزمان». وتبين أنه يعني بتزيد الأدوار تزيد نوائب الحمى التي تكون في الأدوار، وقد يمكنك أن تعلم أن تزيد النوائب تدل على طريق تزيد المرض وقرب منتهاه أو بعده . * ومما (414) أصف أقول إنه يعرف تزيد النوبة الثانية على النوبة الأولى من ثلاثة أشياء، أحدها وقت نوبة الحمى والآخر طول النوبة والآخر عظمها. وسواء عليك قلت عظمها أو شدتها. فإن عادة الأطباء قد جرت بهذين الاسمين جميعا ويريدون * بهما (415) معنى واحد في موضع كثيرة، فربما قالوا إن هذه الحمى هي أعظم من الحمى التي تقدمتها، وربما قالوا إنها أشد وأقوى منها. وقد يمكن أن يكون لبث هذه الحمى التي هي أشد مثل لثب (الحمى) التي تقدمتها أو أقل منه أو أكثر منه، وليس هذا هو عظم النوبة أو شدتها، * لكنه (416) طولها. وينبغي * لك (417) أن تفهم عني من قولي * تزيد (418) النوبة في هذا الموضع أردأ جزء الدور كله وهو ما بين أول ابتداء الحمى وبين منتهاها، وكذلك انحطاط النوبة وهو أصلح حرء الدور وهو باقيه. وإذا تقدمت نوبة الحمى على قياس ما تقدم من نوائبها غبا كانت أو ربعا أو نائبة كانت في كل يوم وامتدت مع تقدمها زمان أطول مما كانت تمتد وكانت مع ذلك أشد مما كانت تكون، فتزيد المرض يبين ومقدار كل واحد من هذه الثلاثة يدل على مقدار تزيد المرض. وذلك أن النوبة إذا تقدم أخذها بمقدار من الزمان أكثر وطالت أيضا بمقدار أكثر واشتدت أيضا بمقدار أكثر، دلت على أن تزيد الحمى قوي وأن حركة المرض سريعة وأن المنتهى قريب. وذلك أنه لا يمكن أن يكون تزيد النوائب عظيما ثم لا يكون المنتهى قريبا. وأما النوبة التي هي ضد هذه وهي التي * يكون (419) تزيدها قليلا قليلا في كل واحد من الثلاثة الخصال التي وصفنا فهي التي تدل من قبل هذا أن المنتهى أبعد. فهذا ما قد يتعرفه من تزيد الأدوار أعني أن نخبر بعد كم من الزمان يكون منتهى المرض ويعلم منه أيضا حد وقت نوبة الحمى على الصحة. والأول مما وصفنا يحتاج إليه لتقدير غذاء المريض في مرضه كله، والثاني مما وصفنا يحتاج إليه تتقدير أوقات PageVW6P010A غذائه في يوم يوم في علته، وهذان هما الشيئان الذان قصد أبقراط منذ أول كلامه إلى أن يعلمنا الأغراض التي يقصد لها في طلبها. وليس يشك أحد في أنه إنما بالدور عود الشيء إلى ما كان عليه. ثم قال «والأشياء أيضا التي تظهر بعد» يريد أنه ينبغي أن يستدل أيضا * على (420) نوائب الحميات ونظام المرض كله من الأشياء التي تظهر بعد. وسواء عليك سميت هذه الأشياء من الاشياء التي تظهر بعد أعراضا أو علامات. وينبغي أن يعلم من أمر جميع العلامات والأعراض أن منها ما هي مقومة للأمراض بها قوامها ومنا ما هي لاحقة بها ومنها ما يدل على البحران ومنها ما يدل على النضج ومنها ما يدل على تمام النضج ومنها ما * يدل (421) على عدم النضج ومنها يدل على الهلاك. فالقيمة للأمراض تبتدئ مع المرض منذ أوله واللاحقة لها ربما ابتدأت مع المرض منذ أوله، وربما حدثت من بعد، وربما لم تحدث البتة. وذلك أنها ليست مما * لا (422) يفارق المرض ولا هي بمقيمة مقومة للشيء الذي هو المرض بمنزلة الجوهر، لكنها تصير فيه أصنافا مختلفة. وأما الأعراض التي سماها أبقراط أعراض البحران فليس يمكن أن تبتدئ مع المرض منذ أول ابتدائه الصحيح، ويمكن أن يبتدئ مع ابتداء المرض على المعنى الثاني، والثالث من معاني الابتداء وسأذكرها بعد قليل. وكثيرا مما لا يظهر فيها لكن يظهر في صعود المرض أو في منتهاه. وأما علامات النضج فليس تبتدئ * أيضا (423) في وقت من الأوقات مع المرض منذ أول ابتدائه لكن يحدث ابتداء المرض الذي هو جزء من جملته. وأما علامات عدم النضج فتبتدئ مع المرض منذ ابتدائه وربما حدثت بعد ابتدائه، وكذلك علامات الموت. فإنه حدوث هذا أيضا إنما هو من بعد. فأما ابتداء المرض فقد بينا في كتاب البحران أنه يقال إنه على أول وقت يبتدئ فيه وهو وقت لا ينقسم ولا جزء له، ويقال على الوقت الذي هو جزء من جملة المرض إذا قسم إلى ابتدائه وتزيده * ومنتهاه (424) وانحطاطه، ويقال أيضا على الوقت الذي بين أول المرض وبين أن يمضي للمريض ثلاثة أيام. فقد بينا في ذلك الكتاب أيضا قوى جميع الأعراض التي ذكرناها وشرحنا مع ذلك أقاويل من كلام أبقراط تحتاج إليها في هذا الكتاب حاجة اضطرارية وسنذكر تلك القوى في * غير (425) هذا الموضع أيضا بإجاز. PageVW0P089A ومن * أراد (426) أن يستوعب علم أبقراط كله في هذا الكتاب فليقرأ ذلك الكتاب. ولما أشار أبقراط بأن يستدل على نظام المرض كله * والأشياء (427) التي تظهر بعد ذكرا واحدا من الأمراض باسمه جعله مثالا، فقال «ومثال ذلك ما يظهر في * أصحاب (428) ذات الجنب * فإنه (429) إن ظهر النفث PageVW6P010B * فيهم (430) بديا منذ أول المرض كان المرض قصيرا، وإن تأخر ظهوره كان المرض طويلا». وقد يقدر * أن (431) يعلم ما وصفه * أبقراط (432) من هذا علما * واضحا (433) إن أنا كتبت لك في هذا الموضع ما قال أبقراط في المقالة * الثالثة (434) من كتاب إبيذيميا في الرجل الذي * أصابته (435) ذات الجنب واسمه أنكسين، وقد شرحنا أمر هذا الرجل في المقالة الأولى من كتاب البحران. وهذا هو قول أبقراط فيه * «أصاب (436) أنكسين الملقى * الذي (437) كان بمدينة أبديرا عند الباب * الذي (438) إلى ناحية بلد تراقي حمى حادة ووجع دائم في جانبه الأيمن وسعال يابس ولم يقذف شيئا في الأيام الأول من مرضه وكان به عطش وأرق، إلا أن بوله كان حسن اللون رقيقا كثيرا. وأصابه في اليوم السادس هذيان. وكان يكمد فلا يخف ألمه بالتكميد. واشتد وجعه في اليوم السابع. وذلك أن حماه تتزيد ولم * ينقص (439) وجعه وكان السعال يؤذيه وكان نفسه عسرا. وفصد في اليوم الثامن من باطن * مرفقيه (440) وأخرج له دم كثير كما كان ينبغي فخف وجعه، * ولزمه (441) السعال اليابس الذي كان به ولم * يبعد (442) . ثم خفت حماه في اليوم الحادي عشر وعرق رأسه عرقا يسيرا. ولأن سعاله ورطب ما كان * يقذفه (443) من رئته. ثم ابتدأ يقذف في اليوم السابع عشر شيئا نضيجا PageVW0P089B يسيرا * وخف (444) . ثم عرق في اليوم العشرين وأقلعت عنه الحمى. * وخف (445) من بعد أن * أصابه (446) البحران، إلا أنه كان به عطش ولم يكن ما ينفثه من رئته بمحمود. ثم عاودته الحمى في * اليوم (447) السابع والعشرين وسعل وقذف شيئا نضيجا كثيرا. وظهر في بوله * ثفل (448) راسب كثير أبيض وسكن عطشه ونام. ثم عرق بدنه كله في اليوم الرابع والثلاثين وأقلعت * عنه (449) الحمى وأصابه بحران تام». وكان مرض أنكسين هذا منذ أوله ذات الجنب، إلا أنه لم يكن ينفث شيئا * منذ (450) أوله، لكن كان سعاله إلى اليوم * الثامن (451) يابسا بعد كما قال أبقراط. * ولذلك (452) تطاول * مرضه (453) إلى أربعة وثلاثين يوما على * أن (454) مرض ذات الجنب على * الأكثر (455) إنما يكون حد بحرانه في الرابع عشر، فإن تجاوز هذا فإنه لا محالة يكون في اليوم العشرين. ولو كان * قذف (456) قبل أن يأتي عليه في مرضه ثلاثة أيام لقد كان سيأتيه البحران في اليوم السابع أو في التاسع وأقصاه في اليوم الحادي عشر، ولو ابتدأ يقذف في اليوم الثالث لما جاوز مرضه الرابع عشر. والسبب في هذا أنه يعرض في جميع الأورام إذا كانت في عضو * ليس (457) عليه غطاء كثيف، كمثل ما على * الأورام (458) الحادثة تحت الجلد * أن (459) يرشح منها * صديد (460) ويكون في ابتداء رشحه * رقيقا (461) ثم يصير بعد ذلك أن هو * نضيج (462) وصار إلى حال * هي (463) أفضل * وأغلظ (464) مما كان. وهذا القذف الذي هو أغلظ يختلف فيكون بعضه أقل نضجا وبعضه أكثل نضجا. ويظهر لك ما وصفنا من هذه PageVW0P090A PageVW6P011A * الأورام (465) الحادثة في الفم والعينين. وفي غيرهما مما تحت الجلد من الأعضاء إذا كان قد حدث فيما يغشيه من الجلد خرق نافذ. فإنه قد يسيل من * الجرح (466) إذا كانت هذه حاله من الصديد مثل ما وصفنا. فإذا حدث ورم في وقت من الأوقات في تلك الأعضاء التي وصفنا يمنع من سيلان الصديد حتى لا يخرج منه شيء * البتة (467) ، وجب ضرورة أن يكون ذلك الورم عسر النضج طويل اللبث. فعلى هذا المثال فافهم حال من به ذات الجنب. وذلك أن هذا * المرض (468) هو من حبس الأورام فينبغي أن يطلب فيه علامات * النضج (469) . وذلك أنه إذا كان صاحبه لا ينفث شيئا * بتة (470) فمرضه في * الغاية (471) من عدم النضج، وهذه هي المرتبة الأولى * منه (472) . والمرتبة الثانية منه إذا قذف صاحبه * شيئا (473) رقيقا، والمرتبة الثالثة منه إذا صار ما ينفث * منه (474) أغلظ مما كان، والمرتبة الرابعة * منه (475) إذا نضج النضج التام، إلا أن هذا إن ظهر في اليوم الثالث أو في * اليوم (476) الرابع فليس يمكن أن يجاوز المرض اليوم السابع. ويلزم ضرورة أن يكون طول كل واحد من سائر أصناف * هذا (477) المرض وقصره على حسب ما يظهر فيه من مقدار النضج. وكما أنه إذا نفث المريض * بزاقا (478) مستوي الأجزاء * أبيض (479) * مستويا (480) في جميع الأيام ولم يكن قوامه رقيقا ولا مفرط الغلظ كان علامة النضج التام، كذلك احتباس النفث * البتة (481) تكون علامة لعدم النضج كله. فإن نفث المريض شيئا لكنه رقيق بعد كان ذلك علامة تدل على أن * النضج (482) ضعيف خفي. فإن كان ما ينفث خالصا وكان لونه اللون الأحمر PageVW0P090B * الناصع (483) أو اللون الأصفر المشبع فليس بمحمود. فإن كان لونه * كمدا (484) أو لون الزنجار أو أسود، * كان (485) من أدل العلامات على الهلاك. وقد لخصت العلامات الدالة على النضج والدالة على عدم النضج والدالة على الهلاك * فينبغي (486) أن يعلم أن علامات النضج جيدة محمودة لا محالة لأنها تدل على * أن (487) انقضاء المرض يكون سريعا، وكذلك علامات الهلاك أبدا * رديئة (488) لأنها تدل على أن تلف المريض يكون سريعا. وأما علامات عدم النضج فإنها تدل على أن المرض يطول ضرورة، وليس فيها نفسها دلالة * تدل (489) على أن المريض يموت أو يسلم، لكنك إذا نظرت مع نظرك فيها * في (490) قوة المريض قدرت أن تتقدم فتعلم ما سيكون من أمره. ومن العلامات جبس آخر سماه أبقراط * بحرانيا (491) أي * الدليل (492) على البحران، وهو العرق والنافض وسيلان الدم والاختلاف الكثير والقيء الكثير والصداع العارض بغتة وعسر النفس العارض من * غير (493) علة ظاهرة، والخفقان والتمدد العارض فيما دون الشراسيف من غير وجع، والأرق الشديد واختلاط الذهن * والقلق (494) العارض في الليل من غير سبب يعرف ويقدم نوبة الحمى والدموع PageVW6P011B إذا عرضت بغتة من غير علة تكون في * العينين (495) ولا حزن، والحمرة العارضة في الوجه واختلاج الشفة السفلي وأن يرى المريض إمامه سوادا أو شعاعا، والحمرة التي تعرض بغتة في الوجنتين أو في الأنف والورم الحادث في أصل الأذن والخراج * الذي (496) يعرض في بعض الأعضاء. وهذه كله وغيرها مما أشبهها تسمى أعراضا من جهة الشيء الخاص الذي هو له بمنزلة الجوهر وتسمى علامات البحران، لأنها تدل على تغير * سريع (497) ، وهي تنذر بأحد أمرين. وذلك أنها إن ظهرت من بعد نضج المرض دلتك على سلامة قريبة، وإن * ظهرت (498) قبل أن يظهر نضج * دلتك (499) على بحران ليس بمحمود * وتؤدي (500) إلى تلف المريض أو إلى طول مرضه. وقد يدلك دلالة يبنة على أن طبيعة هذه العلامات الدالة على البحران غير طبيعة العلامات الدالة * على (501) النضج * ما (502) أنا واصفه لك، وهو أن أبقراط قال في المقالة الأولى من كتاب إبيذيميا إن «النضج يدل على سرعة البحران وعلى الثقة بالصحة». وأما الشيء الذي لم ينضج إذا صار إلى الخروج الرديء * فيدل (503) إما على أنه لا يكون بحران وإما على صعوبة وإما على طول من المرض وإما على موت وإما على عودة * تكون (504) من المرض.
[commentary]
قال * (505) * حنين (506) : يعني بالخروج الرديء على ضربين إما خروج * على (507) جملة * البدن (508) إلى أن يصير منه خراج في موضع * من (509) باطن البدن وإما خروج من باطن البدن حتى * يصير (510) * في (511) موضع من ظاهره فيكون * خراجا (512) .
[commentary]
Страница 398