Тафсир Садра Мутаалихина
تفسير صدر المتألهين
Жанры
عن اليمين وعن الشمال
[ق:17]. وقرأ ابن أبي عبلة: وعلى أسماعهم.
والأبصار: جمع بصر، وهو إدراك العين، وقد يطلق على القوة الباصرة، وعلى العضو، كما يطلق العقل - وهو إدراك الكليات - على القوة الناطقة، وعلى الشخص المحسوس، وهذا ليس من باب المجاز كما زعموه، بل لعلاقة اتحادية بين الفعل والفاعل، والقوة وذي القوة، كما بين العقل والعاقل، والنفس والبدن، كما ذهب اليه بعض أعاظم الفلاسفة المسمى " بفرفوريوس " ، ودل عليه كلام استاذه معلم الفلسفة القديمة " أرسطاطاليس " في كتابه الموسوم بمعرفة الربوبية.
وكذا الكلام في السمع، حيث يطلق على الإدراك وقوته ومادته، واختلف الناس في كون أيهما أفضل، فقيل: السمع، لأن الله حيث ذكرهما، قدمه على البصر، والتقديم علامة التفضيل، ولأنه شرط النبوة بخلاف البصر، ولهذا ما بعث نبي أصم، وقد كان فيهم مبتلى بالعمى، ولما مر من كونه متصرفا في الجهات دون البصر، ولأنه متى بطل، بطل النطق، والعين إذا بطلت لم يبطل النطق، ولأن بالسمع تصل نتايج العقول بعضها الى بعض، فهو كأنه سبب لاستكمال العقل بالمعارف، والبصر لا يوقفك إلا على المحسوسات.
أقول: وفي هذا الوجه محل نظر، وكأن مراد القائل، إن الواسطة بين السمع والعقل أقل مما بين البصر والعقل، فإن العقل يفهم المعاني من النقوش والكتابة بواسطة دلالتهما على الألفاظ، ودلالة الألفاظ على الصور العقلية، ويفهمهما من النقوش السمعية لدلالتها على الصور العقلية بلا واسطة، وكأن الهواء بما فيه من صور الألفاظ صحيفة مكتوبة يدل على المعاني من غير توسط الألفاظ، لأنها نفس الألفاظ.
وقيل: بأن البصر أقدم، لأن آلة القوة الباصرة أشرف، ولهذا يقال لهما: كريمتان. وفي الحديث:
" من أحب كريمتاه لا يكتبن بالعصر "
، ولأن متعلق القوة الباصرة هو النور، ومتعلق القوة السامعة هو الريح.
أقول: ولأن البصر يعم إدراكه القريب والبعيد الى فلك البروج، والسمع لا يتعدى إدراكه عن كرة البخار، ولأن إدراك البصر دفعي وإدراك السمع زماني تدريجي، والأول أشرف، لكونه يشبه إدراك العقل والثاني يشبه الحركة والاستحالة، ومعلوم أن العقل أشرف من الحركة، لأنه أشرف الجواهر، وهي أخس الأعراض، والشبيه بالأشرف أشرف من الشبيه بالأخس، فالبصر أشرف من السمع.
فصل فيه ذكر مشرقي
Неизвестная страница