Тафсир Аль-Акам

Аккам d. 850 AH
142

Тафсир Аль-Акам

تفسير الأعقم

Жанры

[12.43-49]

قوله تعالى: { وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان } خرجن من نهر يابس وسبع بقرات { عجاف } فابتلعت العجاف السمان ورأى { سبع سنبلات خضر } قد انعقد حبها وسبعا { أخر يابسات } قد استحصدت فأدركت، فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها، فاستعبرها فلم يجد من قومه من يحسن عبارتها، وقوله تعالى: { يأيها الملأ } يعني الأشراف، وروي أنه جمع السحرة والكهنة فقصها عليهم فقالوا: ما حكى الله سبحانه عنهم { أضغاث أحلام } يعني أخلاط معناه أحلام مختلطة { وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين } أي لا نعلم عبارتها فكأن جهلهم بذلك سبب نجاة يوسف لأن الساقي يذكر حديث يوسف (عليه السلام) { وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة } أي ذكر حديث يوسف وحبسه، بعد أمة أي بعد حين { أنا أنبئكم بتأويله } أي بتفسيره وتعبيره وما يؤول اليه { فأرسلون } والمعنى فأرسلوه إلى يوسف (عليه السلام) فأتاه فقال: { يوسف أيها الصديق } البليغ في الصدق { أفتنا في سبع بقرات سمان } فإن الملك رأى هذه الرؤيا { لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون } فضلك، أو يعلمون تأويل رؤيا الملك، فأجابه يوسف (عليه السلام) معبرا فقال: { تزرعون سبع سنين دأبا } أي كعادتكم في الزراعة في سائر السنين، وقيل: زراعة متوالية في هذه السنين { فما حصدتم } قطعتم من الزرع { فذروه في سنبله } أي أتركوه في سنابله، وإنما أمر بذلك لأنه إبقاء له وأبعد من الفساد، قوله تعالى: { إلا قليلا مما تأكلون } أي تحتاجون إلى أكله فأخرجوه من السنبل، وليس هذا من الرؤيا في شيء وإنما ذكره نصيحة لهم { ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن } يعني سنين جديبة يأكلن ما قدموا لها وإنما أضاف الأكل إلى السنة لوقوع الأكل فيها كقول الشاعر:

نهارك يا مغرور سهو وغفلة

وليلك نوم والردا لك لازم

{ إلا قليلا مما تحصنون } أي تحرزون وتخبؤون فلا تأكلون، ثم أخبرهم يوسف (عليه السلام) بخبر لم يسألون عنه ولم يكن في رؤيا الملك وكله عن علم الغيب، فقال: { ثم يأتي من بعد ذلك عام } أي سنة { فيه يغاث الناس } وفيه يمطرون من الغيث وهو المطر، وقيل: ينقذون من العذاب { وفيه يعصرون } من الثمار التي تعصر في الخصب كالعنب والزبيب والسمسم والزيتون، فجعل تأويل البقرات السمان والسنبلات الخضر سنين مخصبات، والبقرات العجاف والسنبلات اليابسات سنين مجدبات، ثم بشرهم بعد فراغه من تأويل الرؤيا بأن العام الثامن يجيء مباركا خصيبا كثير الخير غزير النعم وذلك كله من جهة الوحي، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

" لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره حين سئل عن الرؤيا ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى أشترط أن يخرجوني ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول فقال: { ارجع إلى ربك } ولو كنت مكانه لأسرعت الإجابة ".

[12.50-55]

{ وقال الملك ائتوني به } ، قيل: معناه ولما رجع الساقي إلى الملك وأخبره بحديث يوسف (عليه السلام) وتعبيره الرؤيا { قال الملك ائتوني به } يعني بيوسف الذي عبر الرؤية { فلما جاءه الرسول } يعني رسول الملك جاء إلى يوسف (عليه السلام) فقال: أجب الملك فقال يوسف: { ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن } أي ما شأنهن؟، وقيل: ما ذنبي في النسوة؟ قال ابن عباس: إن خرج يوسف (عليه السلام) من السجن يومئذ قبل أن يعلم الملك شأنه ما زالت نفس العزيز منه يقول هذا الذي راود امرأتي، وقيل: ما أحب أن يخرج حتى يعلم طهارته وعصمته وبراءته مما قذف فيه وأنه حبس ظلما { إن ربي بكيدهن عليم } { قال ما خطبكن إذ راودتن } وفي الكلام حذف تقديره لما سمع الملك ذلك دعاهن ودعا امرأة العزيز وقال: ما خطبكن؟ أي ما شأنكن وما أمركن؟ وأمر { يوسف عن نفسه قلن حاش لله } أي عياذا بالله وتنزيها من هذا الأمر وأن نقول عليه سوءا { ما علمنا عليه من سوء } فاعترفوا ببراءته وإنهن ظلمنه وحبس مظلوما { الآن حصحص الحق } أي تبين وظهر عن ابن عباس { أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } في كلامه { ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب } أي لم أخنه في حال غيبته، أي ردي الرسول وامتناعي من الخروج ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب، وقيل: ليعلم الملك أني لم أخن العزيز، وقيل: ذلك الإقرار ليعلم يوسف اني لم أخنه بالغيب، وروي أن الملك قطفير أسلم والله أعلم { وأن الله لا يهدي كيد الخائنين }. قوله تعالى: { وما أبرئ نفسي } ، قيل: هذا من كلام يوسف، قال الحسن: لما زكى نبي الله نفسه استدرك فقال: { وما أبرئ نفسي } ، وقيل: هو من كلام امرأة العزيز، ومعنى ذلك أي لا أمدح نفسي ولا أحكم لها بالبراءة، وقيل: ما أبرئ نفسي عن ذنب هممت به { إن النفس لأمارة بالسوء } إذا غلبت الشهوة، وقوله: النفس أراد الجنس، لأمارة بالسوء: أي بحب الشهوات وتدعو اليها وإن كانت قبيحة { إلا ما رحم ربي } أي رحمه فعصمه كالملائكة، وقيل: عصمه بألطافه فاعتصم، وقيل: هو من كلام يوسف (عليه السلام) بين أن إمتناعه منها كان بحول الله تعالى وقوته ولطفه، وقيل: من كلام امرأة العزيز، ويدل على توبتها، ولما تبين الملك أمانة يوسف وبراءته وعلمه أمر بإحضاره ليجعله من خلصائه، كما حكى الله تعالى بقوله: { وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي } أي أجعله خالصا لي في تدبيري ومهمات أمري { فلما كلمه } فيه حذف يعني فلما جاءه الرسول وخرج من السجن ودخل على الملك وكلمه الملك: { قال إنك اليوم لدينا مكين أمين } ، قيل: كان ليوسف يومئذ ثلاثين سنة، ثم قال: إني أحب أن أسمع رؤياي، فأعادها عليه فقال الملك: ومن يكفيني هذا الأمر؟ فقال يوسف: { اجعلني على خزائن الأرض } يعني أرض مصر { إني حفيظ عليم } بوجوه التدابير فيها وذلك أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) علم أنه إذا تولى الخزائن وتمكن منها آل الأمر إليه، فلهذا طلب ذلك، ففوض الملك أمر مصر اليه وعزل قطفير نفسه، وسلم سلطانه وخزائن أرضه إلى يوسف، ودخل بيته، وهلك العزيز في تلك الأيام، وتزوج يوسف امرأته، واستوى له ملك مصر فعدل فيما بينهم، وأحبه الرجال والنساء.

[12.56-67]

قوله تعالى: { وكذلك مكنا ليوسف } ثم بين تعالى أنه لما تمكن يوسف بمصر وأضار الناس الجوع وقصدوا مصر فنزل بآل يعقوب ما نزل بالناس، فأرسل يعقوب بنيه إلى مصر وهم عشرة لأنه أمسك عنده بنيامين { فعرفهم وهم له منكرون } ، قيل: أنكروه لطول ما يعهد لأن ما بين الوقت الذي فارقوه وبين وقت دخولهم عليه أربعين سنة، وقيل: إنه تزيا زينة الملك جالسا على السرير وفي عنقه طوق من ذهب، وقيل: كان بينه وبينهم سترا { ولما جهزهم بجهازهم } أي أصلحهم بعدتهم وهي عدة السفر من الزاد وما يحتاج إليه المسافرون { قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم } لا بد من مقدمة، روي أنه لما رآهم وكلمهم قال لهم: أخبروني من أنتم وما شأنكم؟ قالوا: نحن قوم من أهل الشام، أصابنا الجهد فجئنا نمتار، قال: لعلكم عيونا تنظرون عورات بلادي، قالوا: معاذ الله نحن أخوة بنو أب واحد وهو شيخ صديق نبي من الأنبياء اسمه يعقوب، قال: كم أنتم. قالوا: كنا اثني عشر فهلك منا واحد، قال: فمن يشهد لكم أنكم لستم بعيون وأن الذي تقولون حق؟ قالوا: ما نعرف أحدا، قال: فدعوا بعضكم عندي رهينة وأتوني باخيكم من أبيكم وهو يحمل رسالة من أبيكم حتى أصدقكم، فاقترعوا بينهم فأصابت القرعة شمعون وكان أحسنهم رأيا في يوسف، فخلفوه عنده، وكان قد أحسن إنزالهم وضيافتهم، وقوله: { فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون } يعني داري ولا بلادي { قالوا سنراود عنه } الآية { وقال يوسف لفتيانه اجعلوا } أي عبيده وغلمانه اجعلوا { بضاعتهم } أي ثمن طعامهم وما كانوا جاؤوا به. { في رحالهم } وفي أوعيتهم { لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون } وروي أنها كانت بضاعتهم النعال والأدم، قيل: لم يرض الكريم أن يأخذ من أبيه وأخوته ثمنا، وقيل: علم أن ديانتهم تحملهم على رد البضاعة فيرجعوا لأجلها، وقيل: معناه لعلهم يرجعون لعلهم يردونها { فلما رجعوا إلى أبيهم } وفيه إضمار تقديره لما رجعوا من مصر إلى يعقوب { قالوا يا أبانا منع منا الكيل } يعني لما رجعوا إلى يعقوب، قالوا: قدمنا على خير رجل أكرمنا كرامة لو كان من ذلك يعقوب ما أكرمنا مثله، ثم قال: أين شمعون؟ قالوا: ارتهنه ملك مصر، وأخبروه بالقصة فقال: ولم أخبرتموه؟ قالوا: قال: إنكم جواسيس، وقصوا القصة، وقالوا: يا أبانا منع منا الكيل إن لم نأت بأخينا لقوله: { فلا كيل لكم عندي ولا تقربون } { فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون } { قال هل آمنكم عليه } الآية يعني حفظ الله بنيامين خير من حفظكم { ولما فتحوا متاعهم } يعني ما حملوه من مصر، وقيل: أوعية الطعام { وجدوا بضاعتهم ردت اليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا } يعني أي شيء نطلب وراء هذا أوفى لنا الكيل ورد علينا الثمن وأرادوا أن تطيب نفس يعقوب فيبعث بابنه معهم، وقوله: { ونمير أهلنا } أي نطلب الميرة { ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير } أي نزداد مع أحمالنا حمل بعير لأجله { ذلك كيل يسير } اي ذلك مكيل قليل لا يكفينا، يعني ما يكال لهم فأرادوا أن يزدادوا إليه ما يكال لأخيهم، وقيل: ذلك كيل يسير أي ذلك الكيل شيء يسير عند الملك، سهل عليه لا يتعاظمه، وقيل: هو من كلام يعقوب وإن حمل بعير واحد شيء يسير لا يخاطر لمثله بالولد، ولما رأى يعقوب (عليه السلام) رد البضاعة وتحقق إكرام الملك لهم عزم على إرسال ابنه معهم { قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله } أي تعطون ما أثق به من يمين أو غيرها من الله، أي بإشهاد الله تعالى والقسم بالله وعهده، وقيل: تحلفون لي بخاتم النبيين وسيد المرسلين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) { لتأتنني به إلا أن يحاط بكم } أي إلا أن تهلكوا جميعا { فلما آتوه موثقهم } أعطوه عهدهم ويمينهم { قال الله على ما نقول وكيل } أي شاهد وحافظ بالوفاء وكيل كفيل، وقيل: لما قال يعقوب { فالله خير حافظا } { والله على ما نقول وكيل } قال الله تعالى: وعزتي وجلالي لأردن عليك كلاهما بعد ما توكلت علي { وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة } ولما عزم يعقوب (عليه السلام) على إرسال ابنه معهم أوصاهم كيف يدخلون مصر، فقال سبحانه حاكيا عنه: { يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة } ، قيل: خاف عليهم العين لأنهم كانوا ذا جمال وهيئة وكمال وهم أخوة ولد رجل واحد، وقيل: خاف عليهم حسد الناس وأن يبلغ الملك قوتهم وبطشهم، فيحبسهم عنده أو يقتلهم خوفا على ملكه { وما أغني عنكم من الله من شيء } يعني ان ما يريد الله بكم لا ينفع فيه الاحتياط، ومنه قيل: إذا جاء القدر لم ينفع الحذر { إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون } أي فوضت أمري إليه وكذلك يفعل من توكل عليه.

Неизвестная страница