فواحسرتاه ووامصيبتاه، قد مضى الرسول المكرم، صاحب الخلق المعظم بسبيله، وخلف من بعده خلف أضاعوا الصلوات، واتبعوا الشهوات، واختلطوا بالخبيثات، وخالطوا بالمنجسات، وتكلموا بالخرافات، ونطقوا بالواهيات، وسودوا صحائف أعمالهم بالمزخرفات، وكلفوا كرامهم كاتبي أفعالهم بكتابة المنهيات، {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات}(1)،{كلا إن الإنسان ليطغى، إن رآه استغنى}(2)، قائلا:
أنا عونكم الأعلى، وبحركم الأقصى ، أنا المتشيخ الأكرم، والمتشمخ الأعظم، لا أظن أحدا من المعاصرين يساويني، ولا أحدا من الغابرين يدانيني، وإن من سواي من أهل العصر بالنسبة إلي كالأطفال الغير البالغين مبلغ الرجال، أنا خير منهم علما، وأكبر منهم سنا، وأنا من الرجال.
ولنسمعك ما في كلام ناصرك المختفي، من الخبث الرديء، لفظا لفظا:
فقوله: إن السيد كان فارغ التحصيل في زمان حياة أبيه.
كلمة خرجت من فم سفيه(3)، غير وجيه(4) ولا نبيه(5).
أما علم أن هذا غير كاف للفضل، فكم ممن فرغ من التحصيل في حياة والدي يعد من أصحاب الجهل، وكم ممن كمل في حياته لا يليق بأن يحضر مجالس درسي، ويستفيد مني؛ لفقد استعداده، وذهاب محصلاته، وكم ممن فرغ في حياته اتخذ ما كسبه ظهريا، وحسب بغيا، وجعل ما علمه شيئا فريا، فعد شقيا.
Страница 60