قوله(ص5): ثم إن السيد كان فارغ التحصيل في زمان حياة أبيه، وكان له لقاء منه، وهو بمنزلة أبي الراد، باعتبار السن، وسمو الفن، والراد بمثابة ولده، باعتبار صغر العمر، وقلة العلم.
أقول: أنشدك بالله أيها المنصور دفع الله عن ناصرك الغرور، وشرفه بزيارة سيد القبور، قبر سيد أهل القبور(1) هل سمعت من عالم مثل ذلك، أو سلك أحد من أهل العلم هذه المسالك؟
كلا والله؛ لا يبرك في هذه المبارك إلا الجاهل الخامل الموصوف بالولوج(2) في المهالك، ولا يتكلم بمثل هذه المزخرفة إلا الهالك السالك بغير بصيرة في الليل الحالك، لا من يتصف بالمصنف والناسك، والمتدين الماسك، {كبرت كلمة تخرج من أفواههم}(3)، وعظمت جملة تبرز من أستاههم.
هل هو في عالم الوجود حق يفتخر على كل موجود؟
هل أحاطته الملائكة من حوله خاشعين، أم نادى مناد له: هذا الرجل مرتضى ومصطفى فكونوا له خاضعين؟
ما له أتجبر بالولاية، وتبختر بالإمارة، وقد ولي بمثل رئاسته من هو أكثر منك ومنه علما، وأوفر فهما، وأطول باعا، وأفضل ذراعا، وأكرم نجوى، وأعظم تقوى، وأنجب نسبا من الطرفين، وأطيب حسبا من الوالدين، وأشهر ذكرا، وأبهر فخرا، وأزيد بسطة في العلم والجسم، وأشد سطوة في الفهم والحكم، فلم يختر هو ولا أحد من ناصريه ومقربيه مثل هذه الجفوة، ولم يسطر مثل هذه الهفوة.
أما سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان ألطف الخلق تكلما، وأنظف الناس نطقا.
Страница 59