فبلغ إلي الخبر أنه كرب بتلك المكاتبة، وغضب، وسب بلا سبب، وأغلظ المقولة، بين يدي حامل تلك المراسلة، فتعجبت من ذلك عجبا كثيرا.
وقلت متعجبا: الله أكبر كبيرا! لبعد مثل هذه الحركة، عن أصحاب البركة.
ثم إني مع امتداد الزمان في القدح والجرح، بحمد الله إلى الآن صافي الجنان عن البغض والحسد والطغيان، لا أتكلم إلا بعلم، ولا أنطق إلا بحلم، مبالغا في حفظ اللسان، محافظا للأركان، مقتفيا(1) للسلف بإحسان، {ولمن خاف مقام ربه جنتان}(2).
وهذه عادتي في رد كل من أرد عليه، أني:
لا أبغي عليه.
ولا أتجاوز الحد.
ولا ألطم الخد.
ولا أشتم الأب والجد.
ولا أقتحم موارد اللد(3) والكد.
ولا أتكلم في حقه بكلمات السب والشتم.
ولا أصفه في رسائلي بصفات الغضب والظلم.
وأقف عند ظهور الحق ولا أجانب(4)، وإن كان المردود عليه من الأجانب(5).
ولا آلو(6) جهدا في بيان الحق الصراح(7).
ولا أقصر في تبيان الصدق الصحاح(8)، مع تصحيح النية وإخلاص الطوية.
ولا يرتكز في قلبي البغض ممن رد علي أو سبني، ظنا مني أن مثل ذلك نقص له ولا نقص فيه لمثلي، ولمثل هذا فليعمل العاملون، ولو كره الجاهلون، وبمثل هذا فليفرح العالمون، ولو كره الناقصون.
Страница 57