ومنها: أنه أطلق عنان اللسان بالطعن على طائفة من الأعيان، ولدغ كلدغ الثعبان، وارتكب عدم الوفاء بالوعد، واكتسب الغدرة مع أنه ليس من أهل الكوفة(1)، ومشى على ممشى النفاق والشقاق، وليس(2) أهل العراق، وسعى في مسعى السب والشتم والانتقاض، مع أنه ليس من الرفاض(3)، وجاوز الحد فطعن على الأب والجد، وأكثر الإياب والذهاب في السباب، وتنابز الألقاب غافلا عن قول الماهر: من لم يحفظ لسانه فقد سلطه على هلاكه، وقول الشاعر:
عليك حفظ اللسان مجتهدا
فإن جل الهلاك في زلله
وجعل إنكار الحق الواضح إدامه(4)، وعمل الفرار عن الصدق اللائح شرابه، وأصر في إبداء الاحتمالات لتزييف الواضحات، واغتر(5) بإنشاء الخيالات لتضعيف الراسخات، وحلف بعزة الله الغفور، بأن لا يسلم ما نقحه المورد الصبور، وعكف عكوف المعتكف في سيد الشهور(6)، على أن لا يعظم ما حققه المورد ذو المهارة والعبور.
سبحان من سخر لي عاندي(7)، يحدث لي في غيبتي ذكرا، لا أكره الغبية من حاسد، يفيدني الشهرة والأجرا.
وأعجب من ذلك كله: أنه جعل منصوره من الذين:
يجمعون الرطب واليابس، كجمع الغافل والناعس، ويكثرون في النقل، من دون تعمل العقل، ويفرحون بكبر المجموع، وإن كان في جمع الحشو واللهو منتهى الجموع.
Страница 35