فلم تزل عادة الجهلاء أنه إذا عاقبهم أحد من النبلاء، وعجزوا عن الجواب، وتحيروا وبهتوا(1)، وسكتوا وندموا، وصمتوا ووهشوا(2)، وخبطوا ولم يقدروا على إظهار الصواب، طفقوا يلمزون بخصومهم، فيشتمونهم ويطعنوهم، ويبرزون مسامحاتهم اللفظية، ومساهلاتهم الحرقية، وإن كان خصمهم بريئا منها، غير ملتفت إليها؛ ظنا منهم أن تكثير الإيرادات، ولو كانت من الخرافات يزيد في عظمة ذاكرها في أعين الناس، وليس كذلك فإن مثل ذلك لا يستحسنه إلا النسناس(3)، ولا يمدحه إلا الخناس(4)، ولا يرتضي به إلا ذو وسواس، وأما عقلاء الناس فيشنعونه ويقبحونه، ويجهلونه ويحمقونه، ويخرجونه من عداد الناس.
Страница 34