وأربع مئة، لما وقع النهب ببغداد … انتقل الوالد السعيد … إلى البصرة وكان في داره … خبز يابس، فنقله معه، وترك نقل رحله؛ لتعذر من يحمله، واختار حمل الخبز اليابس على الرَّحل النفيس، وكان يقتات منه ويبُلُّه بالماء، وقال: هذه الأطعمة اليوم نُهُوب وغُصُوب، ولا أطعم من ذلك شيئًا، فبقي ما شاء الله يتقوَّت من ذلك الخبز اليابس المبلول، ويتقلَّل من طَعْمِه إلى أن نفد، ولحق الوالدَ السعيدَ من ذلك الخبز … مرضٌ) (^١).
وكان من تمام ورعه أن أوصى أن لا يُكفَّن ولا يُدفن معه في قبره إلا ما غزله لنفسه من الأكفان (^٢)، فرحمه الله رحمة واسعة.
* * *
_________
(^١) ينظر: الطبقات (٣/ ٤١٣).
(^٢) ينظر: المنتظم (١٦/ ٩٩).
1 / 49